صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







المحبة القلبية لا تذهب إلا لواحدة وإليك الأدلة

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل
@zugailamm


أبا أسامة

دعني بداية أناقش الحديث الذي أوردته من جهة سنده .

عَنْ عَائِشَةَ رضيَ اللَّهُ عَنْهَا قالَتْ: كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ فَيَعْدِلُ ويَقولُ : اللّهُمَّ هذا قَسْمِي فِيما أَمْلِكُ فَلا تُلُمْني فيمَا تمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ .

أخرجه أصحاب السنن وغيرهم ، وأعله الترمذي بالإرسال فقال : "حديثُ عَائِشَةَ هكذا، رواهُ غيرُ واحدٍ عن حمَّادِ بنِ سلمةَ، عن أيُّوبَ؛ عن أبي قلابةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ يزيدَ، عن عَائِشَةَ؛ "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم كانَ يقسمُ". ورواهُ حمَّادُ بنُ زيدٍ وغيرُ واحدٍ عن أيُّوبَ، عن أبي قلابةَ، مرسلاً؛ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم كانَ يقسمُ وهذا أصحُّ من حديثِ حمَّادِ ابنِ سلمةَ" . انتهى

وقال الزيلعي في "نصب الراية" : ... وقال الدارقطني في "كتاب العلل": وقد رواه عبد الوهاب الثقفي، وابن علية عن أيوب عن أبي قلابة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان، الحديث، والمرسل أقرب إلى الصواب، انتهى كلامه. وقال ابن أبي حاتم في "كتاب العلل" : قال أبو زرعة: لا أعلم أحداً تابع حماد بن سلمة على هذا، ورواه ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي مرسلاً" انتهى كلام الزيلعي .

وعلق ابنُ أبي حاتم في "العلل" على كلام أبي زرعة قائلا : "قلتُ : روى ابن علية عن أيوب عن أبى قلابة قال : كان رسول الله يقسم بين نسائه.

الحديث مرسل " . انتهى .

ولذلك ضعف الحديث العلامة الألباني في "إرواء الغليل" (2018) ، وبسط تخريجه الشيخ مصطفى العدوي في كتاب "أحكام النساء" وحكم عليه بالضعف .

فالخلاصة الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه .

بعد الانتهاء من الكلام عن الحديث نأتي على مسألة المحبة القلبية عند الرجل المعدد .

يقول اللهُ تعالى في سورة النساء : "وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ" [ النساء : 129 ] ، وأُخذ منها عدم استطاعة الرجل العدل بين النساء في المحبة القلبية .

قال شيخ المفسرين الإمام الطبري في "جامع التأويل" : "لن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم وأزواجكم في حبهن بقلوبكم حتى تعدلوا بينهن في ذلك، مما لا تملكونه، وليس إليكم" . انتهى

وقال الإمام السيوطي في "أحكام القرآن" : "أخبر تعالى بنفي الاستطاعة في العدل بين النساء، وذلك في ميل الطبع بالمحبة والجماع والحظ من القلب ، فوصف الله تعالى حالة البشر وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض ... " . انتهى

وقال ابن كثير في تفسيره : "أي لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن وقع القسم الصوري ليلة وليلة فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع كما قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك" . انتهى .

وأيضا لو رجعنا من الناحية العملية لتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته في المحبة القلبية لوجدنا حبه لعائشة رضي الله عنها دون سائر زوجاته رضي الله عنهن فقد جاء في السنة النبوية :

عَنْ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ : أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : عَائِشَةُ ، فَقُلْتُ : مِنْ الرِّجَالِ ؟ فَقَالَ : أَبُوهَا ، قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَعَدَّ رِجَالًا"
أخرجه البخاري

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا ، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ ، قَالَ : فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا ، تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا .
أخرجه البخاري .

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" : "... ويحتمل أن تكون عائشة كنت بذلك عن المحبة بل عن أدق من ذلك" . انتهى .

ولو نظرنا في آية التخيير وهي قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً" [ الأحزاب : 28 ] لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بعائشة في التخيير بين البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم أو الطلاق

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهَا حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ ، فَبَدَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَسْتَعْجِلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ" ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ ، قَالَتْ : ثُمَّ قَالَ : "إِنَّ اللَّهَ قَالَ : "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِلَى تَمَامِ الْآيَتَيْنِ" ، فَقُلْتُ لَهُ : "فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ" .
متفق عليه

وجاء في رواية جابر بن عبد الله عند مسلم : "... ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْراً أَوْ تِسْعاً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ" حَتَّى بَلَغَ "لِلْمُحْسَنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً" قَالَ : فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ.

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" : "وفيه : فضيلة عائشة للابتداء بها في التَّخيير وفي الدُّخول بعد انقضاء الشَّهر" . انتهى .

وقال القرطبي في "أحكام القرآن" : "قال العلماء : وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تشاور أبويها لأنه كان يحبها، وكان يخاف أن يحملها فرط الشباب على أن تختار فراقه، ويعلم من أبويها أنهما لا يشيران عليها بفراقه" . انتهى .

المصدر: مجموعة عبدالعزيز قاسم البريدية

6 جمادى الآخرة 1433
27 أبريل 2012
--

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية