صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مسألة شرط المرأة في عدم الوطء

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل
@zugailamm


أبا أسامة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قرأتُ ما أورده الأخ نجيب يماني في شروط المرأة في النكاح ، وأن الحنابلة أكثرهم تمسكا بحقوق المرأة فيه . ولتسمح لي د. عبد العزيز بمداخلة في جزيئة لم يوفق الأخ نجيب في نقلها ، وهي ما يتعلق بشرط الوطء ، أي : أن المرأة لو اشترطت أن لا يطأها زوجها فهل الحنابلة يجيزون الشرط على إطلاقه أم أن هناك تفصيلا .
مشكلة الأخ نجيب في مقالاته أنه يحيل للمراجع فقط دون وضع نص الكلام ، وينبغي عليه من باب الأمانة العلمية أن ينقل الكلام ولا يكتفي بالمرجع ، لأن فهم الكلام قد لا يوفق إليه ، فيعمي على القارىء .

ودعني أضع مثالا واحدا فقط في موضوع اشتراط الزوجة عدم الوطء لها .

أولا : لا شك أن مِن أهداف النكاح هو الوطء إذ الزواج يراد منه الاستمتاع ، والإحصان ، وإنجاب الذرية .، ولأجل ذلك جاء عَنْ عُقْبَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ " .
متفق عليه .
فاستحلل الفرج كان بشروط ليس منها عدم الوطء ، بل هو شرط باطل .
وقد نقل الحافظ ابن حجر في " الفتح " عن أبي عبيد الإجماع فقال : " قال : وقد أجمعوا على أنها لو اشترطت عليه أن لا يطأها لم يجب الوفاء بذلك الشرط ... والوطء والإسكان وغيرهما من حقوق الزوج إذا شرط عليه إسقاط شيء منها كان شرطا ليس في كتاب الله فيبطل .. " .ا.هـ.

ثانيا :
قال الأخ نجيب يماني : " وكل هذه الشروط وغيرها أقرّها فريق من أهل العلم في المذهب الحنبلي واعتبروها شروط صحيحة واجبة الوفاء بها إذا ذّكرت في صلب العقد فيكون العقد صحيح والشرط صحيح، كما ذكره المرداوي في (الإنصاف) (6/210) والبهوتي في (الكشاف) (5/320) وابن قدامة في (المغني) (5/220) " .ا.هـ.
هذه مغالطة من الأخ نجيب إذا قصد أن عدم الوطء شرط جائز ، فالمذهب الحنبلي وغيره من المذاهب لا يجيزونه ولكنهم اختلفوا من جهة تأثيره في صحة العقد وعدم صحته ، وأكتفي بما أوردته الموسوعة الفقهية من تفصيل في المسألة .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 44 / 45 ) ما نصه : " فرَّق الفقهاء في حكم ذلك الاشتراط بين حالتين ، حالة اشتراط نفي حل الوطء ، وحالة اشتراط عدم فعله .

وبيان ذلك فيما يلي :

إذا اشترط في عقد النكاح نفي حل الوطء ، بأن تزوجها على أن لا تحل له : فلا خلاف بين أهل العلم في بطلان هذا الشرط ، ولكنهم اختلفوا في تأثيره على صحة العقد ، وذلك على قولين :
أحدهما : لجمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة ، وهو بطلان الشرط والعقد معاً ؛ وذلك لإخلال ذلك الشرط بمقصود العقد ؛ وللتناقض ، إذ لا يبقى معه للزواج معنى ، بل يكون كالعقد الصوري .
والثاني : للحنفية ، وهو أن الشرط فاسد ، والعقد صحيح ؛ إذ القاعدة عند الحنفية أن النكاح لا يبطل بالشرط الفاسد ، وإنما يبطل الشرط دونه .

أما إذا شرط في عقد النكاح عدم الوطء : فقد اختلف الفقهاء في حكمه على ثلاثة أقوال :

أحدها : للحنفية والحنابلة ، وهو أنه يصح العقد ويلغى الشرط ، أما بطلان الشرط : فلأنه ينافي مقتضى العقد ، ويتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد لولا اشتراطه ، وأما بقاء العقد على الصحة : فلأن هذا الشرط يعود إلى معنى زائد في العقد فلا يبطله .
والقاعدة عند الحنفية : أن النكاح لا يبطل بالشرط الفاسد ، وإنما يبطل الشرط دونه .

والثاني : للمالكية ، وهو أن الشرط فاسد ، والعقد فاسد ؛ لوقوعه على الوجه المنهي عنه شرعاً .
ثم اختلف المالكية فيما يترتب عليه بعد الوقوع ، فقيل : يفسخ النكاح قبل الدخول وبعده ، وقيل : يفسخ قبل الدخول ، ويثبت بعده ، ويسقط الشرط ، وهذا هو المشهور في المذهب .
والثالث : للشافعية ، وهو أنه إذا نكحها بشرط أن لا يطأها ، أو لا يطأها إلا نهاراً ، أو إلا مرة مثلاً : بطل النكاح إن كان الاشتراط من جهتها ؛ لمنافاته مقصود العقد ، وإن وقع منه : لم يضر ؛ لأن الوطء حق له ، فله تركه ، والتمكين حق عليها ، فليس لها تركه " .ا.هـ.

ثالثا :
رجعت إلى كتاب " الإنصاف" الذي أحال إليه الأخ نجيب فوجدت ما نصه : " قَوْلُهُ ( النَّوْعُ الثَّانِي : أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَانَفَقَةَ ، أَوْ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْأُخْرَى أَوْ أَقَلَّ . فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ . وَيَصِحُّ النِّكَاحُ ) . وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الْوَطْءِ . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِمَا . وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَغَيْرِهِ . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَغَيْرِهِ . وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالْفُرُوعِ .وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرُهُ . وَقِيلَ : يَبْطُلُ النِّكَاحُ أَيْضًا . وَقِيلَ : يَبْطُلُ إذَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا . قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ : ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِيمَا إذَا شَرَطَ : أَنْ لَا يَطَأَ ، أَوْ أَنْ لَا يُنْفِقَ ، أَوْ إنْ فَارَقَ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ : رِوَايَتَيْنِ . يَعْنِي فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ . قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِرَحِمَهُ اللَّهُ : وَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ شَرْطِ عَدَمِ النَّفَقَةِ . قَالَ : لَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا : إنَّهُ إذَا أُعْسِرَ الزَّوْجُ وَرَضِيَتْ بِهِ : أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِالنَّفَقَةِ بَعْدُوَاخْتَارَ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا مَهْرَ فَسَادَ الْعَقْدِ ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ .وَاخْتَارَ أَيْضًا الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا شَرَطَ عَدَمَ الْوَطْءِ كَشَرْطِ تَرْكِ مَا تَسْتَحِقُّهُ
وقال ابنُ قدامة في " المغني " (7/72) : " مَا يُبْطِلُ الشَّرْطَ ، وَيُصِحُّ الْعَقْدَ ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا ، أَوْ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ إنْأَصْدَقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا ، أَوْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا ، أَوْ يَعْزِلَ عَنْهَا أَوْيَقْسِمَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ قَسْمِ صَاحِبَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَا يَكُونُ عِنْدَهَا فِي الْجُمُعَةِإلَّا لَيْلَةً ، أَوْ شَرَطَ لَهَا النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ ، أَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا . فَهَذِهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا ؛ لِأَنَّهَاتُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ ؛ وَلِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حُقُوقٍ تَجِبُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ انْعِقَادِهِ ، فَلَمْ يَصِحَّ " .
أكتفي بهذا ، وأرجو من الأخ نجيب يماني في المرات القادمة أن ينقل كلام العلماء لكي يفهمه المطلع من خلال سياقه لا من فهم الأخ نجيب .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

محبكم : عبد الله زقيل

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية