قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " الاسْتِقَامَةِ " (1/364 -
366) : " وَهَذَا الحُسَنُ وَالجمَالُ الَّذِي يَكُوْنُ عنِ الأَعْمَالِ
الصَّالِحَةِ فِي القَلْبِ يَسرِي إِلَى الوَجْهِ ، وَالقُبْحُ وَالشَّيْنُ
الَّذِي يَكُوْنُ عنِ الأَعْمَالِ الفَاسِدَةِ فِي القَلْبِ يَسرِي إِلَى
الوَجْهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
ثمّ إِنّ ذَلِكَ يَقْوَى بِقُوَّةِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالأَعْمَالِ
الفَاسِدَةِ فَكُلَّمَا كَثُرَ البِرُّ وَالتَّقْوَى قَوِيَ الحُسَنُ
وَالجمَالُ ، وَكُلَّمَا قَوِيَ الْإِثْمُ وَالْعُدْوَانُ قَوِيَ القُبْحُ
وَالشَّيْنُ حَتَّى يَنسَحَ ذَلِكَ مَا كَانَ لِلصُّوْرَةِ مِن حُسَنٍ وَقُبْحٍ
.
فَكم مِمَّنْ لَمْ تَكُنْ صُوْرَتُهُ حَسَنَةً وَلَكِن مِن الأَعْمَالِ
الصَّالِحَةِ مَا عَظُمَ بِهِ جَمَالُهُ وَبَهَاؤُهُ ، حَتَّى ظَهَرَ عَلَى
صُوْرَتِهِ .
وَلِهَذَا يَظْهَرُ ذَلِكَ ظُهُورًا بَيِّنًاً عِنْدَ الْإِصْرَارِ عَلَى
الْقَبَائِح فِي آخَرِ العُمْرِ عِنْدَ قُربِ المَوْتِ ، فنَرَى وُجُوْهَ
أَهْلِ السُّنَّةِ وَالطَّاعَةِ كُلَّمَا كَبِرُوا ازْدَادَ حُسْنُهَا
وَبَهَاؤُهُا ، حَتَّى يَكُوْنَ أَحَدُهُمُ فِي كِبَرِهِ أَحْسَنَ وَأَجْمَلَ
مِنْهُ فِي صِغَرِهِ ، وَنَجِدُ وُجُوْهَ أَهْلِ البِدعَةِ وَالمَعْصِيَةِ
كُلَّمَا كَبِرُوا عَظُمَ قُبْحُهَا وَشَيْنُهَا حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ
النَّظَرَ إِلَيْهَا مَن كَانَ مُنْبَهِرًا بِهَا فِي حَالِ الصِّغَرِ
لِجَمَالِ صُورَتِهَا .
وَهَذَا ظَاهِرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ فِيْمَنْ يُعَظِّمُ بِدْعَتَهُ وفُجُورَهُ ،
مِثْلُ الرَّافِضَةِ وَأَهْلِ المظَالِمِ وَالفَوَاحِشِ مِن التُّركِ
وَنَحْوِهِم ، فَإِنّ الرَّافِضِيَّ كُلَّمَا كَبُِرَ قَبُحَ وَجْهُهُ وَعَظُمَ
شَيْنُهُ حَتَّى يَقْوَى شَبَهُهُ بِالخِنْزِيْرِ ، وَرُبَّمَا مُسِخَ
خِنْزِيرًا وَقِرْدًا ، كَمَا قَدْ تَوَاتَرَ ذَلِكَ عَنْهُم .
وَنَجِدُ المُردَانَ مِن التُّركِ وَنَحْوِهِم قَدْ يَكُوْنُ أَحَدُهُمُ فِي
صِغَرِهِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً ثُمّ إِنَّ الَّذِيْنَ يُكْثِرُوْنَ
الفَاحشَةَ تَجِدُهُم فِي الْكِبَرِ أَقْبَحَ النَّاسِ وُجُوهًا ، حَتَّى إِنّ
الصِّنْفَ الَّذِي يَكْثُرُ ذَلِكَ فِيْهِم ، مِن التُّركِ وَنَحْوِهِم ،
يَكُوْنُ أَحَدُهُمُ أَحْسَنَ النَّاسِ صُورَةً فِي صِغَرِهِ ، أَقْبَحَ
النَّاسِ صُورَةً فِي كِبَرِهِ ، وَلَيْسَ سَبَبُ ذَلِكَ يَعُوْدُ إلَى
طَبِيعَةِ الجِسْمِ ، بَلْ العَادَةُ المُسْتقيمَةُ تُنَاسِبُ الْأَمْرَ فِي
ذَلِكَ ، بَلْ سَبَبُهُ مَا يَغْلِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ مِن الفَاحشَةِ
وَالظُّلْمِ ، فَيَكُوْنُ مُخَنَّثاً وَلُوطِيًّا وَظَالِماً وَعَوْناً
لِلظَّلَمَةَِ فَيَكْسُوهُ ذَلِكَ قُبْحُ الوَجْهِ وَشَيْنُهَا " .ا.هـ.
أذكرُ أن للإمامِ ابنِ القيمِ كلاماً في هذهِ المسألةِ .
والله اعلم