صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







المزغردة المستأجرة ؟! .. أوراق تزغرد !!

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل

 
ليس من مسّه ما يكرهه حقيقةً كمن تظاهر به ، فبالرغم من تحريم النياحة على الميت إلا أنه جاء في المثل : " لَيَسَتِ النَّائِحَةُ الثَّكْلَى كالمُسْتَأجَرةِ " ، في مقابل النائحة التي قتلها ألم الحزن تكون التي تزغرد من نشوة الفرح ، ولذا قلت : " ليست المُزغردة الفرحة كالمستأجرة " .

قال الزبيدي في " تاج العروس ": الزَّغْرَدةُ أَهمله الجوهريُّ ، وقال ابن دُرَيْد : هَدِيرٌ للإِبِل يُرَدِّدُه الفَحْلُ في جَوْفِهِ. وفي اللسان : في حَلْقِهِ . قلتُ : ومنه زَغْرَدَةُ النِّساء عند الأَفراحِ " .ا.هـ.

والنساء في الأفراح يصدرن أصواتا تسمى عند العامة : " زغرودة " ، وهو أمر خاص بهن دون الرجال .

ما المقصود من المثل المقتبس ؟ ، وما مناسبته ؟


دائما ما تردد الصحف العربية بعامة ، والمحلية بخاصة مصطلح " حقوق المرأة " بالمفهوم الغربي ، وهي أسطوانة لم تعد تنطلي على الناس ، وعرفوا المغزى منها لسبب واحد أنه مصطلح صُدر من بلاد الغرب ، وإلا فحقوق المرأة في الإسلام تغنينا عن استيراد تلك الحقوق المصبوغة بصبغة الغرب .

إن المدقق لحال صحفنا المحلية ينطبق عليها المثل المقتبس ، وليس الأمر مقتصرا على صحفنا المحلية بل حتى في صحف الدول العربية كافة من جهة أنه في حال حصول مصيبة تتعلق بما يسمى في العرف الدولي " حقوق المرأة " في بلد ما بدعوى أنها محرومة من تلك الحقوق ، وتنشرها صحيفة ذلك البلد ، يصبح حال صحف الدول العربية كالنائحةِ المستأجرةِ ، التي تولول وتلطم وتنوح لكنه فعل مصطنع ، وإذا حصل العكس فإنها تكون كالمزغردة المستأجرة .

صحفنا المحلية تمثل صورة واضحة إما للنائحة أو المزغردة المستأجرة بخصوص المرأة تحديدا فتزغرد بزغردة الصحف الأخرى لا لأنها تشاركها الفرحة الحقيقية ولكنها تريد أن توصل رسائل لأهل بلاد الحرمين ، مفادها : يا أهل المملكة ... طال الزمان أم قصر فإن الدور قادم على بلاد الحرمين التي والمسألة مسألة وقت فقط ، وبطريقة خطوات الشيطان التي يقال عنها بلغة العصر : " بطيء لكنه فعال ! " . !

وكما يقال : " بالمثال يتضح المقال " ، سأطرح مثالا على النائحة والمزغردة المستأجرة يقرب الصورة في الأذهان ، ولن نذهب بعيدا ...

عندما لم تنجح المرأة الكويتية والليبراليون في الانتخابات الماضية وكانت النتائج " صفر مربع " كما يعبر الشيخ د. النجيمي كان حال صحفنا المحلية كـ " النَّائِحَةِ المُسْتَأجَرةِ " ... لبست بعض الصحف الكويتية السواد ، وساد الحزن عندها ، وندبت حظها ، وتحسرت على الحرية والديمقراطية التي انتزعت من المرأة بزعمهم ، فكانت صحفنا المحلية النَّائِحَةَ المُسْتَأجَرةَ ، وبنفس عبارات النوح والندب !!

على العكس تماما كانت الانتخابات الكويتية 2009 وفازت أربع نسوة بمقاعد في مجلس الأمة الكويتية زغردت بعضُ الصحف الكويتية ، وهللت ، واستبشرت ، ونجحت الحرية والديمقراطية وإذ بصحفنا المحلية تزغرد زغردة المزغردة المُسْتَأجَرةِ ، وتضع العناوين البراقة ، ودبج كتابها المقالات المُبجلة لهذا العمل ، وبزغردتها تريد ضخ رسائل لا يعقلها إلا العالمون ، ولسانُ حالها كنائحة حقيقة يقول : " نحن نحسدكم أهل الكويت على هذا الإعجاز والإنجاز ... ما في عندنا في السعودية مثلكم " !

فالمزغردون المُستَأجرون في صحفنا المحلية كثر ، وعندهم ولعٌ بأمور المرأة فلو أحدثت – من الحدث الناقض للوضوء - امرأةٌ في الغرب أو الشرق تسارعوا لنقل حدثها ! ، وأزكموا أنوفنا برائحة حدثها ! .

في حين أن بعض أبناء بلادنا في مناطق من المملكة يتضورون جوعا ، ولا يجدون ما يستر أبدانهم من شدة الحر أو البرد فلا تجد لهم كلمة ، أما المرأة ففي الطالع عن المرأة ، وفي النازل عنها !

أمثلة للزغردة المستأجرة في صحافتنا المحلية


أبدأ بجريدة " الوطن " – كمثال صارخ على المزغردة المُستَأجرة بعد فوز نساء الكويت ، وبصوت مرتفع جدا – فقد جعلت الافتتاحية زغردة بالإنجاز الكويتي ، وختمت زغردتها قائلة : " ... ما جرى في الكويت بالأمس، حري بأن يكون تجربة يمكن الاستفادة منها، فالمرأة نصف المجتمع، وهي الأم والأخت والزوجة والمهندسة والطبيبة والأستاذة الجامعية، فلماذا لا تكون السياسية ؟ " !

يعني نقل تجربة المرأة في الكويت بعجرها وبجرها إلى بلاد الحرمين !

أحد الكُتّاب في " الوطن " يعبر عن فرحه بفوز نساء الكويت قائلا : " ... غير أن التعليقات على فوز أربع سيدات، لا أظن أحداً يشكك في كفاءتهن، كانت تحمل في طياتها محاولة لكشف المستور هنا وهناك، فهناك من اعتبر الدكتورات الأربع تجاوزن طوال الشوارب واللحى بامتياز، وهناك من تبادل مع أنصاره العزاء، وفريق كبير تبادل التهاني بينهم شيخ الجواهرجية في جدة جميل فارسي، الذي قال : عقبال ما يفوز أربع رجال بالانتخابات في السعودية ! " .ا.هـ.

وجعل كاتبٌ آخر في " الوطن " فوز النساء في الانتخابات الكويتية من الإيجابيات التي نستفيد منها ! فقال " ... ومع أن الأنباء الواردة من لبنان لا تبشر بخير وتضع علامات استفهام كثيرة حول ما إذا كانت الانتخابات التشريعية ستتم في موعدها وستمر من دون مشكلات دراماتيكية، انتخب الكويتيون أمس مجلس أمتهم الجديد وتوجوه بأربعة وجوه نسائية لأول مرة في تاريخ الانتخابات الكويتية التي بدأت عام 1962، ولأول مرة منذ أن نالت المرأة الكويتية حقوقها السياسية عام 2005 " .ا.هـ.

وكاتب آخر أيضا صب جام غضب قلمه على الإسلاميين ووصمهم بالمتشددين ، وجعل قلمه يرقص طربا على خسارتهم لبعض المقاعد ، وما علم – أو ربما يعلم ولكن من باب التدليس على القارىء - أن السبب الرئيس هو عزوف الناس عن التصويت .

أضف إلى ذلك أخي القارئ أن لقب الإسلاميين رضي به أهل الكويت فلماذا احمر أنفه بسبب هذا اللقب ؟! .

مثال آخر : صحيفة " الرياض " أيضا من شلة المزغردة المستأجرة في كلمتها الافتتاحية ، وبالبنط العريض ذي اللون الوردي قائلة : " المرأة.. والمجتمع في تجربة الكويت الانتخابية " ، وكاتب الافتتاحية جعل تجربة الكويت تجربة رائدة ! ، وختم مقاله بكذبة صلعاء ، وبدون تعريج على هويته وهوية البلد الذي يعيش فيه بقوله : " صحيح أن بعض القيادات بالدول تتقدم بمشاريعها ومنهجها عن المجتمعات، وأن العوائق غالباً ما تقودها التيارات المحافظة التي لا ترى في التطور إلا فتحاً لأبواب التهور والخروج عن دوائر الدين والتقاليد " .ا.هـ.

وهذا رئيس التحرير يقول : " ما حدث في الكويت لم يكن انتصاراً لثلاث فئات ضد فئة رابعة.. ليس حيازة تفوق حزبي أو طائفي، فالسنّة هم الأكثرية لكن المنغلقين فيهم أقلية وقد فقدوا موقع الواجهة حين تلاقت.. على مستوى الشارع.. رغبات المواطن في الوصول إلى موضوعية برلمان يمثل جميع المواطنين وليس فئاتهم فكان أن تواجدت المرأة وتقدم الليبراليون ومثلهم الشيعة ليس كطوائف وإنما كمواطنين أوصلهم إلى مواقع فوزهم عدد كبير من الناخبين السنّة.. " .ا.هـ.

يغمز ويلمز في السنيين في أنهم خسروا بعض المقاعد ، ولو كان شجاعا لأفصح من هم " الأقلية " لأتاه الجواب منهم ، والباقعة الكبرى هي قوله : " وقد فقدوا موقع الواجهة " !

أقولُ له : " لو أجريت انتخابات عندنا مثل التي في الكويت على كرسي رئاسة التحرير وهيئة الصحفيين ورشحت نفسك أجزم أنك ستكون في ذيل القائمة " .

وأمثلة كثيرة جدا لمثل هذه المقالات والمقوالات تمثل زغردة مستأجرة من أجل المرأة الكويتية !!

وختاما أقول : لهؤلاء القاسميين ( نسبة إلى قاسم أمين ) مذكرا إياهم بقول شيخهم – إن ارادوا خيرا - في آخر حياته ، وتحديدا قبل وفاته بعامين لجريدة " الطاهر " في أكتوبر 1906م قائلا : " لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى إقتفاء أثر الترك بل الإفرنج في تحرير نسائهم، وغاليت في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق الحجاب وإشراك المرأة في كل أعمالهم ومآدبهم وولائمهم، ولكن أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس فلقد تتبعت خطوات النساء من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات، فرأيت من فساد أخلاق الرجال وأخلاقهن بكل أسف ما جعلني أحمد الله ما خذل دعوتي واستنفر الناس إلى معارضتي … رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا عليها بألسنة البذاءة, وما وجدت زحاماً فمرت به امرأة إلا تعرضوا لها بالأيدي والألسن"!

وقد نشرت هذه الإعترافات مرة أخرى في " المجلة العربية " العدد 137

اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة ...

عبدالله بن محمد زقيل
كاتب وباحث شرعي
zugailamm@gmail.com

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية