صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هيئة كبار العلماء تحوي تنوعاً مذهبياً منذ تأسيسها

عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل

 
تناقلت الصحافة المحلية بعد صدور التشكيل الجديد لهيئة كبار العلماء عبارة وضعت لها بنطا عريضا؛ فحواها أن التشكيل الجديد في الهيئة يضم أعضاء من المذاهب الفقهية الأربعة السنية، وأنه يحدث لأول مرة في المملكة!. ولبيان الصورة الصحيحة أحببت المشاركة بهذه المداخلة المختصرة، لأن ما ذكرته مخالف لواقع تاريخ هيئة كبار العلماء، وأود الوقوف مع تلك العبارة في النقاط التالية:

أولا: لم ينص الأمر السامي على تلك العبارة، وإنما هو استنتاج إعلامي لم يرجع فيه إلى تاريخ هيئة كبار العلماء منذ نشأتها، وقد وجد في التشكيل الجديد تمذهب بعض الأعضاء الجدد في الهيئة بمذهب معين، فضخمه الإعلام على أنه حدث غير مسبوق في المملكة.

ثانيا:
بالرجوع إلى أول تشكيل لهيئة كبار العلماء المكون في عام 1391هـ في عهد الملك فيصل -رحمه الله- بعضوية 17 عضوا، نجد أنه حوى تنوعا مذهبيا؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر: العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- صاحب أضواء البيان نشأ على المدرسة المالكية بحكم أن المذهب الرسمي في بلاده شنقيط هو المالكي، الشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله- نشأ على المدرسة الحنفية، الشيخ عبد المجيد حسن شافعي، الشيخ محضار عقيل وهو من الأشراف، شافعي.

ثالثا: بالرجوع إلى فتاوى هيئة كبار العلماء يجد المنصف أنها تعتمد الفقه المقارن منذ صدور أول فتوى لها، بمعنى أن الهيئة تدور مع الدليل من الكتاب والسنة من المذاهب الأربعة المعتبرة يدعم الدليل، وليس التعصب للمذهب الحنبلي المذهب الرسمي للمملكة كما تروجه بعض وسائل الإعلام، وترمي كذبا وزورا جمود الهيئة بأنها لا تفتي إلا بالمذهب الحنبلي، وهذه في تصوري منقبة تعد لهيئة كبار العلماء، فهذه البلاد قامت على الكتاب والسنة، ولم تتعصب للمذهب الحنبلي.
لذا كان من مناقب الملك عبد العزيز -رحمه الله- أنه عندما دخل مكة سنة 1343هـ ووجد أن الصلاة في الحرم على أربعة أئمة من المذاهب الفقهية المعتبرة، والأتباع يصلون خلف إمام المذهب الذي ينتمون إليه، فأبطل هذه البدعة الشنيعة، ووحدهم على إمام واحد هو الشيخ عبد الظاهر أبو السمح -رحمه الله-.
قال العلامة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على «سنن الترمذي» (1/431) : «... بل قد بلغنا أن هذا المنكر -أي تعدد جماعات المذاهب الأربعة في المسجد الواحد- كان في الحرم المكي، وأنه كان يصلي فيه أئمة أربعة، يزعمونهم للمذاهب الأربعة، ولكنا لم نر ذلك، إذ إننا لم ندرك هذا العهد بمكة، وإنما حججنا في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود حفظه الله، وسمعنا أنه أبطل هذه البدعة، وجمع الناس في الحرم على إمام واحد راتب، ونرجو أن يوفق الله علماء الإسلام لإبطال هذه البدعة من جميع المساجد في البلدان، بفضل الله وعونه، إنه سميع الدعاء.

رابعا:
صرح بعض أعضاء هيئة كبار العلماء بتصريحات تنفي ما عنونت له الصحف بأن التشكيل الجديد شامل للمذاهب الفقهية الأربعة لم يسبق أن حدث من قبل، وسأعرض بعضا منها:
نفى الشيخ الدكتور عبد الله بن منيع لصحيفة «المدينة» أن يكون التشكيل الجديد لهيئة كبار العلماء، قد تم بقصد شمولي لمذاهب أهل السنة الأربعة، في أشخاص أعضاء الهيئة، وأكد أن الغرض من هذه الشمولية أن يكون أعضاء الهيئة، من ذوي القدرة الفقهية التي تمكنهم من الرجوع للمذاهب الأربعة وغيرها من المذاهب كالمذهب الظاهري مثلا، عند دراسة القضايا المعروضة على المجلس، وأن يبحثوا عن الحكم الراجح؛ سواء كان بدليل من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه، أو كان الحجة في ذلك هو العقل المبني على المقاصد الشرعية المتفقة مع القواعد العامة للشريعة الإسلامية.
وقد نفى الشيخ ابن منيع، أن تكون هيئة كبار العلماء في يوم من الأيام مقتصرة على مذهب واحد، وأكد فضيلته أن مذاهب أهل السنة المعروفة تقوم على مستندات شرعية من الكتاب والسنة، وأن اختلاف العلماء في فهم النصوص يرجع الى احتمالات شتى، لكنهم يظلون جميعا متفقين على الأصول وإن اختلفوا على الفروع، وهو خلاف قائم منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
أيضا صحيفة «الشرق الأوسط» (الأحد 20 صفر 1430هـ العدد 11037) أجرت لقاء مع معالي الدكتور قيس المبارك بعد اختياره عضوا في الهيئة، ووضعت له عنوانا عريضا «الشيخ قيس مبارك: هيئة كبار العلماء تمثل الشرع وليس المدارس الفقهية».
وأجاب على سؤال طرحته الجريدة عليه: «هل تشعرون أن هذه الهيئة بدخولكم صارت أكثر تمثيلا؟»
- الأصل في هذه الهيئة أن تكون ممثلة للشرع الشريف وملتزمة به، فهي لسان الشريعة الناطق، الذي تفزع إليه الأمة إذا اشتدت الخطوب وادلهمت الشبهات، فالعلماء كما في الحديث الشريف ورثة الأنبياء، فهم وراث النبوة، يرثون من الأنبياء العلم والعمل والحال أي الهدي الحسن».
أيضا نشر الملحق في الأسبوع الماضي تصريحا لمعالي الدكتور الشيخ سعد الشثري رفض فيه وصف الهيئة بأنها متعصبة لمذهب معين أو أحادية التفكير، وقال: «فالأسماء التي تم اختيارها كانت موفقة في اختيار شخصيات أصحاب ذهنيات متحررة ومجتهدة وعارفة بالكتاب والسنة».
وقال أيضا: الهيئة منذ تكوينها كان من أعضائها نخبة من العلماء المسلمين من أصحاب المذاهب المختلفة؛ فالعلامة محمد الشنقيطي، وهو مالكي المذهب، وكذلك الشيخ عبد الرزاق عفيفي، وهو حنفي المذهب، وأيضا الشيخ عبد المجيد حسن، وهو شافعي المذهب، باعتبار العلماء الذين تتلمذوا على أيديهم.فهذه التصريحات الثلاثة من أعضاء هيئة كبار العلماء فيها الكفاية لرد الاستنتاج الإعلامي الخاطئ من دون الرجوع إلى أصحاب الشأن والمعرفة والاختصاص.

وختاما أسأل الله أن يوفق أعضاء هيئة كبار العلماء لما فيه الصواب والصلاح لبلادنا.

zugailamm@gmail.com

جريدة عكاظ ( الخميس 01/03/1430هـ ) 26/ فبراير/2009  العدد : 2811
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عَبْد اللَّه زُقَيْل
  • مسائل في العقيدة
  • مسائل فقهية
  • فوائد في الحديث
  • فوائد في التفسير
  • فوائد في التاريخ
  • فـتـاوى
  • مشاركات صحفية
  • تـراجــم
  • متفرقات
  • كتب تحت المجهر
  • دروس صوتية
  • الصفحة الرئيسية