قرأتُ في الصفحة الأخيرة من ملحق الرسالة إحصائيةً ميدانيةً قام بها الباحث
محمد الفارس - جزاه الله خيرا - ضمن رسالته الماجستير عن الطلاق ، وذهلت من
ارتفاع نسبة الطلاق في بلادنا ، وسبب ذهولي أنني لم أكن أتصور ارتفاع نسبة
الطلاق في بلادنا إلى هذا المستوى الذي أشارت إليه الإحصائية، تساءلت في
نفسي : ما أسباب ارتفاع نسبة الطلاق ؟ ما العلاج ؟ وأين دور المؤسسات
والمحاكم والمنابر والإعلام ؟! أين نحن من هذا الإعصار .
والذي يظهر لي - والله أعلم - أن من أهم أسباب ارتفاع نسبة الطلاق الجهل
بفقه التعامل بين الزوجين سواء أكان الجهل من جانب الرجل أم المرأة أم
الاثنين معا ، وهو فقه مصدره كتاب الله وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في
بيته ، ونقله إلينا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، إنه فقه لا يدرس في
الجامعات ، ولا في المدارس بل هو عقود وسنوات من حياة خير البشر ، عليه
أفضل الصلاة وأتم التسليم ، ومع الأسف عندما افتقدت كثير من بيوت المسلمين
لهذا الفقه ظهرت النسب المرتفعة في الطلاق ! دعوني أصارحكم بأن هذا العمود
وأضعافه لا يكفي لتحليل جزء من مواقفه صلى الله عليه وسلم في بيت النبوة ،
فضلا عن أن أحيط بجوانب هذا الفقه وأطره ، ولكن حسبي أنني سأسعى في هذه
الحلقة وفي الأسابيع القادمة إن شاء الله لبيان إشاراتٍ مما أريد الوصول
إليه ، وليس معنى كتابتي هنا أو كتابة غيري أننا نسعى لبيت بلا مشاكل أو
اختلاف ، فقد حصل الاختلاف في بيت النبوة ... لكن السر كله في ( كيف نواجه
هذا الخلاف ؟ ) ( وكيف نسعى لتحجيمه ضمن حدوده ؟ ) لا سيما إذا أدركنا أن
غاية أماني الشيطان أن يحرش بين المسلمين .... أو أن يفرق بين زوجين
متحابين !
عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ
يَبْعَثُ سَرَايَاهُ ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ
فِتْنَةً ،يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا .
فَيَقُولُ : مَا صَنَعْتَ شَيْئًا . قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ
فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
امْرَأَتِهِ . قَالَ :فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ : نِعْمَ أَنْتَ (رواه
مسلم).
لنبدأ بموضوع شائك ينتهي سوء فهمه أو سوء التصرف فيه إلى الفراق والشتات
إنه موضوع القوامة ، فالرجل يفهم ( قوامته ) على أنها نوع السيطرة والتحكم
اللامسؤول ، ولهذا أنت تجده فظا متسلطاً، قوامة الرجل لا تعني أن يكون فظاً
غليظاً متسلطاً في تعامله مع زوجته ، بل لا بد أن يتخلق بالخلق الحسن ولين
الجانب والرفق '' وعاشروهن بالمعروف '' (النساء : 19)، فإذا وجدت المرأة
رجلا فظا غليظا متسلطا فقد لا تتحمله ولا تطيقه ثم يقع الطلاق ، فالرجل
الفطن هو الذي يملك بحسن خلقه قلب زوجته ، ويتذكر أنها أسيرة عنده بتقرير
المصطفى صلى الله عليه وسلم لذلك : '' إنما هن عوان عندكم '' .
صورة
ضوئية للمقال
رابط المقال فر جريدة المدينة ملحق الرسالة