إن المتأمل في تاريخ الاستعمار الصليبي لكثير من بلاد المسلمين يجد أن من
أهدافه المهمة تحرير المرأة المسلمة من حجابها ، وجعلها سلعة رخيصة تباع
وتشترى كما يحصل في الغرب ، وبنظرة سريعة لأقوالهم ندرك حقيقة ما أرادوا .
هذا القسيس زويمر يوصي في مؤتمر القاهرة التبشيري عام 1906م الحاضرين بقوله
: ( أن لا يقنطوا إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد
إلى علوم الأوربين ، وإلى تحرير نسائهم ) ، وهذا جلادستون رئيس وزراء
انجلترا يقول : ( لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ،
ويغطى به القرآن ) ، وهذا جول بول رو يقول في كتابه الإسلام في الغرب : (
إن التأثير الغربي يظهر في كل المجالات ، ويقلب راساً على عقب المجتمع
الإسلامي ، لا يبدو في جلاء أفضل مما يبدو في تحرير المرأة ) ، والنصوص
عنهم كثيرة ، وبعد هذه التصريحات بدأ التخطيط لتحرير المرأة المسلمة
وتغريبها ، فعلم أعداء الإسلامِ أن المواجهة الحربية لا تكون في صالحهم
فخرج المستعمر من بلاد المسلمين ، وعملوا على تنفيذ ما خططوا له وذلك عن
طريق أبناء جلدتنا الذين تربوا على أعين الغرب ، يقول الحصين في ( المرأة
ومكانتها في الإسلام ) : ( لكن من المؤسف أن يسير في هذا الخط المدمر أناس
من أبناء المسلمين ، أضلهم الشيطان على علم ، وعميت أبصارهم عن الحقيقة ،
فكانوا خُداماً لأسيادهم وأولياء نعمتهم من الفرنج ) .
وفي الأزمان المتأخرة صارت حملة تحرير المرأة وتغريبها أَنْكَى وأقوى من
قبل ، ضغط خارجي من أعداء الإسلام ، ومكرٌ داخلي من المنهزمين والمنبهرين
بتلك الدعوة ، فاستقلال الدول العربية والإسلامية من المستعمر لم يكن نهاية
المؤمراة ، بل ظهر استعمار اجتماعي جديد هو ( العولمة الاجتماعية ) ، يقول
عنها الدكتور فؤاد العبد الكريم في ( المرأة بين موضات التغيير وموجات
التغرير ) : ( هذا الاستعمار الاجتماعي وهذه العولمة تتزعم قضايا المرأة
وحقوقها - بالمفهوم الغربي - في الدول الإسلامية والعربية من خلال مؤتمرات
وأجندة واتفاقيات عالمية ، تعقدها الدول الغربية تحت لواء هيئة الأمم
المتحدة ، ومرة تتم هذه المؤتمرات والاتفاقيات من طرف واحد بينها وبين
الدول الإسلامية والعربية ، وفي الغالب يحمل لواء مناصرة المرأة المسلمة -
المزعوم - الولايات المتحدة الأمريكية ) . ويقول أيضاً : ( وبعد أحداث
11/9/2001م ... حدثت تحولات عالمية كبيرة بقيادة الولايات المتحدة حيث سعت
إلى إحداث تغييرات واسعة ... واستلمت زمام الترويج لما يسمى حقوق المرأة ،
وأخذت تبشر دول المنطقة وشعوبها بالديمقراطية الأمريكية ، والتي تقوم - في
جانبها الاجتماعي - على المساوة بين الجنسين ، والتحرر الجنسي ، والمثلية
الجنسية - الشذوذ الجنسي - ، وإباحة الإجهاض كما أشار إلى ذلك رونالد
إنغلهارت في مقال بعنوان ( الصدام بين الحضارات ) .
وبهذا تعلم المرأة المسلمة في بلاد المسلمين بعامة وبلادنا بخاصة أنها
مستهدفة ، وينبغي عليها أن تعرف ما يحاك لها ويمكر بها ، ولكن الله يقول :
'' وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ '' ]
الأنفال : 30 [ ، فكوني أختي المسلمة فطنة عارفة بما يريدون منكِ ، واحرصي
على تحذير من حولكِ من المغترين بدعاوى التحرر . أسأل الله أن يحفظ المرأة
المسلمة من كيد الكائدين ومكر الماكرين .
صورة
ضوئية للمقال
رابط المقال فر جريدة المدينة ملحق الرسالة