بسم الله الرحمن الرحيم

متى يجوز التشهير بالسارق؟!!


مشايخي الكرام، وإخواني الفضلاء:
نرجو توضيح المسائل الآتية:
ـ متى يجوز فضح السارق والتشهير به؟ ومتى يُتْرَك التشهير به؟ ومتى يقام عليه الحد؟ ومتى تُتْرك إقامة الحد عليه؟
ـ ما الفرق بين السرقات العلمية والسرقات المالية؟
والسلام عليكم.

الجواب :

أخي أبو مسلم التركي .

قال تعالى : " وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ " ، أخذ العلماءُ من هذه الآيةِ أن من ارتكب حداً من الحدود فإنه يشهرُ به .

قَالَ الْكَاسَانِيُّ : وَالنَّصُّ وَإِنْ وَرَدَ فِي حَدِّ الزِّنَى ، لَكِنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ فِيهِ يَكُونُ وَارِدًا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ دَلَالَةً ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحُدُودِ كُلِّهَا وَاحِدٌ ، وَهُوَ زَجْرُ الْعَامَّةِ ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا وَأَنْ تَكُونَ الْإِقَامَةُ عَلَى رَأْسِ الْعَامَّةِ ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ يَنْزَجِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ بِالْمُعَايَنَةِ ، وَالْغَائِبِينَ يَنْزَجِرُونَ بِإِخْبَارِ الْحُضُورِ ، فَيَحْصُلُ الزَّجْرُ لِلْكُلِّ . وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَانِيَةً وَغَيْرَ سِرٍّ ، لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ .

وَقَالَ مُطَرِّفٌ : وَمِنْ أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا الشَّهْرُ لِأَهْلِ الْفِسْقِ رِجَالًا وَنِسَاءً ، وَالْإِعْلَامُ بِجَلْدِهِمْ فِي الْحُدُودِ وَمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَكَشْفُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ .

وَسُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ الْمَجْلُودِ فِي الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ : أَتَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ وَبِشُرَّابِ الْخَمْرِ ؟ قَالَ : إذَا كَانَ فَاسِقًا مُدْمِنًا فَأَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ ، وَنُعْلِنُ أَمْرَهُمْ وَيُفْضَحُونَ .

فالآية عامةٌ في التشهيرِ بمن ارتكب حداً .

بل ذهب بعضهم في أن السارقَ بعد قطعِ يده أنها تعلقُ في عنقهِ ردعاً للناسِ .

أما متى يقامُ عليه الحدُّ فإنه متى وصل أمرهُ إلى الإمامِ فإنه يقامُ عليه ، واستدلوا بقصةِ المرأة التي سرقت ، وبقصةِ ماعز عندما زنى .

أما السرقاتُ الأدبيةُ والعلميةُ فإنه قد تكلم العلماءُ عليها ، ويطلقُ عليها " حقوقُ التأليفِ " ، وهي نازلةٌ تكلم عنها العلامةُ بكر أبو زيد في " فقه النوازل " (2/115 - 187) ، فقال الشيخُ في الجزاءاتِ المترتبةِ على السرقاتِ الأدبيةِ : " لم يحصل الوقوفُ على عقوبةٍ في قضيةٍ عينيةٍ إلا أن تقعيدَ العلماءِ لمنعِ الانتحالِ وكشفهم قطاعَ الطريقِ في ذلك ، وأن قاعدةَ التشريعِ أن ما لا حد فيه فجزاؤه أمرٌ تعزيري يُقدّرُ لكل حالةٍ بقدرها ، وإن من العقوباتِ التعزيريةِ التشهيرُ والنقضُ بالمثلِ فنستطيعُ أن نكيفَ في ضوءِ ذلك أنهم يرون الاكتفاءَ بالتشهيرِ بالمنتحلِ ، والنقضِ عليهِ بالمثلِ ، وهذا وحدهُ كافٍ في الاحتفاظِ بالحقِ الأدبي لحقوقِ المؤلفِ إذ أن التأليفَ في ذلك الوقتِ لم يكن تسويقهُ وانتشاره عن طريقِ المطابعِ التي تخرجُ آلاف النسخِ بل كان الكتابُ يخرجُ منهُ نسخٌ معددوةٌ ، والعلم للجميعِ ، وكانت تسجلُ عليهِ الانتقالاتُ للملكيةِ ... واللهُ أعلمُ " .ا.هـ.
 

كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل

الصفحة الرئيسة      |      صفحة الشيخ