بسم الله الرحمن الرحيم

كلام أهل العلم على حديث " لا يسأل بوجه الله إلا الجنة "


الحديث ضعفه العلامة الألباني في تخريجه لكتاب " مشكاة المصابيح " (1944) ، وقال :
وإسناده ضعيف ... فإن فيه سليمان بن قرم بن معاذ وقد تفرد به كما قال ابن عدي في الكامل ثم الذهبي ، وهو ضعيف لسوء حفظه ، فلا يحتج به ، ولذلك لما أورد السيوطي هذا الحديث من رواية أبو داود والضياء في " المختارة " تعقبه المحقق عبد الرؤوف المناوي بقوله : قال في " المهذب " : فيه سليمان بن معاذ ، قال ابن معين : ليس بشيء .ا.هـ. وقال عبد الحق وابن القطان : ضعيف . قلت : وقال الحافظ في " التقريب " : سيء الحفظ .ا.هـ.

وأما معنى الحديث على فرض ثبوته ، فقد قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في " القول المفيد على كتاب التوحيد " (3/116 - 117) :

اختلف في المراد بذلك على قولين :
القول الأول : أن المراد لا تسألوا أحدا من المخلوقين بوجه الله ؛ فإذا أردت أن تسأل أحدا من المخلوقين فلا تسأله بوجه الله ، لأنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة . والخلق لا يقدرون على إعطاء الجنة ، فإذا لا يسألون بوجه الله مطلقا ، ويظهر أن المؤلف يرى هذا الرأي في شرح الحديث ولذلك أعقبه بقوله : " باب لا يرد من سأل بالله " .

القول الثاني : أنك إذا سألت الله فإن سألت الله الجنة وما يستلزم دخولها فلا حرج أن تسأل بوجه الله ، وإن سألت شيئا من أمور الدنيا فلا تسأله بوجه الله لأن وجه الله أعظم من أن يسأل به لشيء من أمور الدنيا .

فأمور الآخرة تسأل بوجه الله كقولك مثلا أسألك بوجهك أن تنجيني من النار ، والنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ بوجه الله لما نزل قوله تعالى : " "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ " قال : أعوذ بوجهك . " أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ " قال : أعوذ بوجهك . " أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ " قال هذه أهون أو أيسر .
ولو قيل : إنه يحتمل المعنيين لكان له وجه .ا.هـ.

وقال الشيخ بكر ابو زيد في " معجم المناهي اللفظية " ( ص183) عند لفظة " بوجه الله " بعد ذكره لحديث أبي داود وضعفه :
لكن يشهد لعموم النهي حديث أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ملعون من سأل بوجه الله ، وملعون من سئُئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا . رواه الطبراني ، قال العراقي : إسناده حسن . ... وحاصل السؤال بوجه الله يتلخص في أربعة أوجه :
1 - سؤال الله بوجهه أمرا دينيا أو أخرويا ، وهذا صحيح .
2 - سؤال الله بوجهه أمرا دنيويا وهذا غير جائز .
3 - سؤال غير الله بوجه الله أمرا دنيويا وهو غير جائز .
4 - سؤال غير الله بوجه الله أمر دينيا .

والموضوع يحتاج إلى زيادة تحرير ؟؟؟ .ا.هـ.

والحديث الذي أشار الشيخ بكر - حفظه الله - حسنه أيضا العلامة الألباني في صحيح الترغيب (851 ، 853) .

وقال العلامة الألباني في تعليقه على المشكاة (1/605) :
الثاني : لو صح الحديث لم يدل على ما ذهب إليه من رأى عدم الجواز ، لأن المتبادر منه النهي عن السؤال به تعالى شيئا من حطام الدنيا ، أما أن يسأل به الهداية إلى الحق الذي يوصل به إلى الجنة ، فلا يبدو لي أن الحديث يتناوله بالنهي ، ويؤيدني في هذا ما قاله الحافظ العراقي : وذكر الجنة إنما هو للتنبيه به على الأمور العظام لا للتخصيص ؛ فلا يسأل الله بوجهه في الأمور الدنيئة ، بخلاف الأمور العظام تحصيلا أو دفعا كما يشير إليه استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم . قال المناوي وأقره .
الثالث : إنما بوب النووي للحديث بالكراهة لا بعدم الجواز فقال : باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله غير الجنة . والكراهة عند الشافعية للتنزيه .ا.هـ.

والله أعلم .

عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com