بسم الله الرحمن الرحيم

علماءُ الشيعةِ والنسبُ الهاشمي


الحمدُ للهِ وبعدُ ؛

إن من الأمورِ المستغربةِ - وما أكثرها - عند الرافضةِ تميزهم في بوضعِ العمامةِ على الرأسِ ، ولبسُ العمامةِ بحدِ ذاتهِ لا إشكال فيه فالنبي صلى اللهُ عليه وسلم كان يلبس العمامةَ .

‏عَنْ جَعْفَر بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ،‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ ‏‏قَالَ :‏ ‏كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ ‏.

رواه مسلمٌ (1359) ، وأبو داود (4077) ، وابن ماجه (1104) ، وأحمد (4/307) .

و‏عَنْ ‏‏جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏دَخَلَ ‏‏مَكَّةَ -‏ ‏وَقَالَ ‏‏قُتَيْبَةُ ‏- ‏دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ ‏مَكَّةَ ‏‏وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ .

رواه مسلم (1358) ، وأبو داود (4076) ، والترمذي (1679) .

وكان المجتمعُ النبوي معروفاً عندهم لبس العمائمِ مشهوراً بينهم .

وأمرٌ آخر ؛ أنه لا يصحُ في فضلِ لبس العمائمِ حديثٌ عن النبي صلى اللهُ عليهِ وسلم .

قال العلامةُ بكرُ أبو زيد في " التحديث " ( ص171 ) : " لا يصحُ في العمائمِ شيءٌ غيرَ ن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قد لبسها .

ومن نظر في كتابِ الشيخِ محمدِ بنِ جعفرٍ الكناني " الدعامة في أحكامِ العمامةِ " علم أنهُ كتابٌ قائمٌ على الضعيفِ والواهي والموضوعِ ، وأنه لا يثبتُ في فضلها سوى أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم لبسها ، واللهُ أعلم .ا.هـ.

ولن نطيلَ في هذه المسألةِ ، أما ما يهمنا ما ذكرتهُ في بداية حديثي أن الأمورَ المستغربةَ عند الرافضةِ كثيرةٌ جداً ، وقد يتسألُ البعضُ عن أحدها ، وهو :

ما الفرقُِ بين العمامةِ السوداءِ والبيضاءِ عند الرافضةِ ؟

سؤالٌ يحيرُ البعضَ من أهل السنةِ !!!!

وقد أجاب الشيخُ الدكتورُ سلمانُ الظفيري عن السؤالِ ، وأجاب أيضاً عن سرِ " النسبِ الهاشمي " عند الرافضةِ والحرصِ عليهِ .

أترككم مع المقال ، أسألُ اللهَ أن ينفعَ به .

علماءُ الشيعةِ والنسبُ الهاشمي
د . سلمان الظفيري

كنت في جلسة مع بعض الأساتذة الشرعيين قبل سنوات فقلت : لماذا لا نحقق وندقق في قضية النسب الهاشمي التي كثرت كثرة فاحشة عند علماء الشيعة ولا سيما العجم منهم ؟

وهذه القضية مهمة ؛ لأن تفنيدها وكسر أضلاعها مما يساهم في تفتيت كثير من باطل الشيعة ولا سيما هذه التكأة أعني أهل البيت وتسترهم خلف هذا الاسم الشريف اللامع .

غير أن هؤلاء الإخوة منهم من سكت ، ومنهم من قال الأمر فيه صعوبة ؛ وذلك لأن النسب الهاشمي لا يعدو أن يكون نسباً يملكه صاحبه فقط فلا توجد سجلات عامة يمكن للباحث الاستفادة منها وتحقيق الدخيل في النسب .

وقفات مع هذا الادعاء :
أولاً : العادة المعروفة عند علماء الشيعة أن من كان هاشمياً فإنه يلبس العمامة السوداء ، ومن كان من غير بني هاشم فإنه يلبس العمامة البيضاء .

وهذه العادة سارية مثل القانون في جميع البلاد التي يكون فيها للشيعة علماء مثل إيران و العراق وغيرها من البلاد .

ولكننا نجد هؤلاء الهاشميين فيما زعموا ألقابهم منسوبة إلى مدن من مدن البلاد الأعجمية مثل الميلاني والأردبيلي والخميني والخوئي .

وهؤلاء أحدهم لا يعرف نسب أجداده وإلا لانتسب إليهم بدل أن ينتسب إلى أسماء المدن .

وهذه الحقيقة المرة يقف الباحث إزاءها ويتعجب من كثرة من ينتسب إلى النسب الهاشمي بهذه الكثرة العظيمة من علماء الشيعة ؛ ثم بعد ذلك هم ينتسبون إلى مدينة من مدن إيران ؛ مما يدل على عدم قناعة أحدهم بهذا النسب .

ثانياً : من شعارات الشيعة المعروفة : ( التقية ديني ودين آبائي ، ومن لا تقية له لا دين له ) ، فإذا عرف هذا لاح لنا أن الكذب في هذه القضية له نصيب كبير .

ثالثاً : مما يشكك بهذه الدعوى رغبة علماء الشيعة في اللغة الفارسية واهتمامهم العظيم بها حتى إن الخوئي كان بالنجف يدرس باللغة الفارسية ، وبنو هاشم هم عرب ولغتهم اللغة العربية وسيدهم صلى الله عليه وسلم هو أفصح من نطق بالضاد ؛ فكيف لا يدعوهم هذا إلى الاهتمام بلغة القرآن الكريم ولغة سيدهم ( سيد بني هاشم ) والإنسان ميال إلى أصله ؟ !

رابعاً : من المضحكات في هذه الدعوى أن المدعو التيجاني التونسي مؤلف كتاب ( ثم اهتديت ) الذي زعم أنه كان تيجانياً صوفياًَ ثم صار شيعياً جلداً قال وهو يتكلم عن مذهب الشيعة وعن ترجيحه الفاشل له : « وأبي أخبرني بأننا أصولنا من العراق ، وأن نسبنا ينتهي إلى علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) » .

أقول وبهذه السهولة بحث في ذكرياته القديمة ودفاتره العتيقة إن كان صدق فإذا به سيد هاشمي يستطيع أخذ الخمس ، وتأوي إليه كل راغبة ببركة المتعة لعلو أرومته ونصاعة نسبه ! !

خامساً : شكك الدكتور موسى الموسوي بنسب الخميني ( النسب الهاشمي ) ؛ وذلك لأن أصله من الهند ؛ فقد جاء جده من الهند واستقر في مدينة خومين وتديرها ؛ فلماذا قطع الخميني صلته بأقاربه ؛ والعهد ليس ببعيد ؛ فلا يعرف له صلة بقومه وأقاربه ؛ فعلامَ يدل هذا ؟ [1] .

أقول : يدل هذا على سر سعي الخميني إلى إخفائه تلك الصلة ، وأن وراء الأكمة ما وراءها .

سادساً : ذكر الأستاذ أحمد الكاتب أن الخوئي كان أبوه يلبس العمامة البيضاء فلما صعد الخوئي بدأ يلبس العمامة السوداء [2] !

وهذا معناه أنه زوَّر نسبه وادعى الهاشمية .

سابعاً : ومما يزيد الشبهة قوة ما وقع من حوادث وقعت في النجف كشفت المغطى بستور غليظة ؛ وقد سجلها بعض علماء الشيعة العائدين ؛ إذ يقول : « توفي أحد السادة المدرسين في الحوزة النجفية ، فغسلت جثمانه مبتغياً بذلك وجه الله ، وساعدني في غسله بعض أولاده ، فاكشتفت أثناء الغسل أن الفقيد الراحل غير مختون » [3] .

والختان شائع عند المسلمين واليهود ولا يعمله النصارى ، وهذا السيد الفقيد محسوب على بني هاشم ؛ فهل بعد هذا التزوير في الدين والنسب تُصدَّق دعواهم ؟ !

ويقول أيضاً : « وهناك بعض السادة في الحوزة لي عليهم ملاحظات تثير الشكوك حولهم والريب ؛ وأنا والحمد لله دائب البحث والتحري للتأكد من حقيقتهم » [4] .

أي حقيقة : حقيقة الدين ، أم حقيقة النسب ؟

لا شك أنه يريد حقيقة الدين : هل هم يهود ، أم نصارى ، أم مجوس ؟

فهؤلاء أساتذة الحوزة من السادة ( من بني هاشم ) هذه حقيقتهم ؛ فماذا تكون حقيقة السادة السياسيين ؟

اعترافات خطيرة :
في السنوات الأخيرة تاب ثلة من علماء الشيعة من أباطيلهم ، واعترفوا بفساد العقيدة الشيعية ، ومن هؤلاء الشيخ حسين الموسوي مؤلف كتاب : ( لله ثم للتاريخ ) حيث ذكر أحوالاً سافلة في تزوير النسب الهاشمي بأبخس الأثمان وأحط الأحوال .

ويحسن بي أن أنقل كلامه حول النسب الهاشمي وتزويره في النجف إذ يقول : « ويحسن بنا أن ننبه إلى أن الفقهاء والمراجع الدينية يزعمون أنهم من أهل البيت ؛ فترى أحدهم يروي لك سلسلة نسبه إلى الكاظم ( عليه السلام ) . اعلم أنه يستحيل أن يكون هذا الكم الهائل من فقهاء العراق وإيران و سوريا و لبنان ودول الخليج والهند و باكستان وغيرها من أهل البيت ، ومن أحصى فقهاء العراق وجد أن من المحال أن يكون عددهم الذي لا يحصى من أهـل البيت ؛ فكيف إذا ما أحصينا فقهاء البلاد الأخرى ومجتهديها ؟ لا شك أن عددهم يبلغ أضعافاً مضاعفة ؛ فهل يمكن أن يكون هؤلاء جميعاً من أهل البيت ؟

وفوق ذلك فإن شجرة الأنساب تباع وتشترى في الحوزة ؛ فمن أراد الحصول على شرف النسبة لأهل البيت فما عليه إلا أن يأتي بأخته أو امرأته إذا كانت جميلة إلى أحد السادة ليتمتع بها ، أو أن يأتيه بمبلغ من المال وسيحصل بإحدى الطريقتين على شرف النسبة وهذا أمر معروف في الحوزة .

لذلك أقول لكم : لا يغرنكم ما يضعه بعض السادة والمؤلفين عندما يضع أحدهم شجرة نسبه في الصفحة الأولى من كتابه ليخدع البسطاء والمساكين كي يبعثوا له أخماس مكاسبهم » [5] .

وبعد فإن نبينا صلى الله عليه وسلم نهانا عن الطعن في الأنساب ، وأنها من الجاهلية وأخلاقها ؛ غير أن الأمر هنا يتعلق بالدين والافتراء عليه ، والتعلق بالنسب الهاشمي الشريف لتضليل العباد وتكفيرهم وهدم الإسلام والتفريق بين أبنائه ؛ فكان على من علم أن ينصح ويحذر المسلمين ، وعسى أن تكون هذه الكلمات طليعة لأقلام أخرى تساهم في إماطة اللثام عن وجه الحقيقة في هذه القضية الخطيرة .

________________________
(1) انظر : الخميني في الميزان ، د موسى الموسوي ، ص 148 .
(2) وقد ذكر ذلك في المسجد المركزي في لندن لبعض إخواننا من طلبة العلم ، والكاتب هذا في علماء الشيعة الذين يدعون إلى تصحيح المذهب ونبذ الخرافات ، وقد نقض الإمامة الشيعية بأدلة قوية ، وله كتاب في ذلك اسمه : (تطور الفكر الشيعي) .
(3) انظر : لله ثم للتاريخ ، حسين الموسوي ، ص 101 ، ط 4 دار الأمل القاهرة .
(4) المصدر السابق .

المصدر : مجلة البيان - العدد 173

كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل
11 رمضان 1424 هـ

الصفحة الرئيسة      |      صفحة الشيخ