الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
إن من الأمورِ المستغربةِ - وما أكثرها - عند الرافضةِ تميزهم في بوضعِ
العمامةِ على الرأسِ ، ولبسُ العمامةِ بحدِ ذاتهِ لا إشكال فيه فالنبي صلى
اللهُ عليه وسلم كان يلبس العمامةَ .
عَنْ جَعْفَر بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ
كَتِفَيْهِ .
رواه مسلمٌ (1359) ، وأبو داود (4077) ، وابن ماجه (1104) ، وأحمد (4/307) .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ - وَقَالَ
قُتَيْبَةُ - دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ
سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ .
رواه مسلم (1358) ، وأبو داود (4076) ، والترمذي (1679) .
وكان المجتمعُ النبوي معروفاً عندهم لبس العمائمِ مشهوراً بينهم .
وأمرٌ آخر ؛ أنه لا يصحُ في فضلِ لبس العمائمِ حديثٌ عن النبي صلى اللهُ
عليهِ وسلم .
قال العلامةُ بكرُ أبو زيد في " التحديث " ( ص171 ) : " لا يصحُ في العمائمِ
شيءٌ غيرَ ن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قد لبسها .
ومن نظر في كتابِ الشيخِ محمدِ بنِ جعفرٍ الكناني " الدعامة في أحكامِ
العمامةِ " علم أنهُ كتابٌ قائمٌ على الضعيفِ والواهي والموضوعِ ، وأنه لا
يثبتُ في فضلها سوى أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم لبسها ، واللهُ أعلم .ا.هـ.
ولن نطيلَ في هذه المسألةِ ، أما ما يهمنا ما ذكرتهُ في بداية حديثي أن
الأمورَ المستغربةَ عند الرافضةِ كثيرةٌ جداً ، وقد يتسألُ البعضُ عن أحدها ،
وهو :
ما الفرقُِ بين العمامةِ السوداءِ والبيضاءِ عند الرافضةِ ؟
سؤالٌ يحيرُ البعضَ من أهل السنةِ !!!!
وقد أجاب الشيخُ الدكتورُ سلمانُ الظفيري عن السؤالِ ، وأجاب أيضاً عن سرِ "
النسبِ الهاشمي " عند الرافضةِ والحرصِ عليهِ .
أترككم مع المقال ، أسألُ اللهَ أن ينفعَ به .
علماءُ الشيعةِ والنسبُ الهاشمي
د . سلمان الظفيري
كنت في جلسة مع بعض الأساتذة الشرعيين قبل
سنوات فقلت : لماذا لا نحقق وندقق في قضية النسب الهاشمي التي كثرت كثرة
فاحشة عند علماء الشيعة ولا سيما العجم منهم ؟
وهذه القضية مهمة ؛ لأن تفنيدها وكسر أضلاعها مما يساهم في تفتيت كثير من
باطل الشيعة ولا سيما هذه التكأة أعني أهل البيت وتسترهم خلف هذا الاسم
الشريف اللامع .
غير أن هؤلاء الإخوة منهم من سكت ، ومنهم من قال الأمر فيه صعوبة ؛ وذلك لأن
النسب الهاشمي لا يعدو أن يكون نسباً يملكه صاحبه فقط فلا توجد سجلات عامة
يمكن للباحث الاستفادة منها وتحقيق الدخيل في النسب .
وقفات مع هذا الادعاء :
أولاً :
العادة المعروفة عند علماء الشيعة أن من كان هاشمياً فإنه يلبس العمامة
السوداء ، ومن كان من غير بني هاشم فإنه يلبس العمامة البيضاء .
وهذه العادة سارية مثل القانون في جميع البلاد التي يكون فيها للشيعة علماء
مثل إيران و العراق وغيرها من البلاد .
ولكننا نجد هؤلاء الهاشميين فيما زعموا ألقابهم منسوبة إلى مدن من مدن البلاد
الأعجمية مثل الميلاني والأردبيلي والخميني والخوئي .
وهؤلاء أحدهم لا يعرف نسب أجداده وإلا لانتسب إليهم بدل أن ينتسب إلى أسماء
المدن .
وهذه الحقيقة المرة يقف الباحث إزاءها ويتعجب من كثرة من ينتسب إلى النسب
الهاشمي بهذه الكثرة العظيمة من علماء الشيعة ؛ ثم بعد ذلك هم ينتسبون إلى
مدينة من مدن إيران ؛ مما يدل على عدم قناعة أحدهم بهذا النسب .
ثانياً :
من شعارات الشيعة المعروفة : ( التقية ديني ودين آبائي ، ومن لا تقية له لا
دين له ) ، فإذا عرف هذا لاح لنا أن الكذب في هذه القضية له نصيب كبير .
ثالثاً :
مما يشكك بهذه الدعوى رغبة علماء الشيعة في اللغة الفارسية واهتمامهم العظيم
بها حتى إن الخوئي كان بالنجف يدرس باللغة الفارسية ، وبنو هاشم هم عرب
ولغتهم اللغة العربية وسيدهم صلى الله عليه وسلم هو أفصح من نطق بالضاد ؛
فكيف لا يدعوهم هذا إلى الاهتمام بلغة القرآن الكريم ولغة سيدهم ( سيد بني
هاشم ) والإنسان ميال إلى أصله ؟ !
رابعاً :
من المضحكات في هذه الدعوى أن المدعو التيجاني التونسي مؤلف كتاب ( ثم اهتديت
) الذي زعم أنه كان تيجانياً صوفياًَ ثم صار شيعياً جلداً قال وهو يتكلم عن
مذهب الشيعة وعن ترجيحه الفاشل له : « وأبي أخبرني بأننا أصولنا من العراق ،
وأن نسبنا ينتهي إلى علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) » .
أقول وبهذه السهولة بحث في ذكرياته القديمة ودفاتره العتيقة إن كان صدق فإذا
به سيد هاشمي يستطيع أخذ الخمس ، وتأوي إليه كل راغبة ببركة المتعة لعلو
أرومته ونصاعة نسبه ! !
خامساً :
شكك الدكتور موسى الموسوي بنسب الخميني ( النسب الهاشمي ) ؛ وذلك لأن أصله من
الهند ؛ فقد جاء جده من الهند واستقر في مدينة خومين وتديرها ؛ فلماذا قطع
الخميني صلته بأقاربه ؛ والعهد ليس ببعيد ؛ فلا يعرف له صلة بقومه وأقاربه ؛
فعلامَ يدل هذا ؟ [1] .
أقول : يدل هذا على سر سعي الخميني إلى إخفائه تلك الصلة ، وأن وراء الأكمة
ما وراءها .
سادساً :
ذكر الأستاذ أحمد الكاتب أن الخوئي كان أبوه يلبس العمامة البيضاء فلما صعد
الخوئي بدأ يلبس العمامة السوداء [2] !
وهذا معناه أنه زوَّر نسبه وادعى الهاشمية .
سابعاً :
ومما يزيد الشبهة قوة ما وقع من حوادث وقعت في النجف كشفت المغطى بستور غليظة
؛ وقد سجلها بعض علماء الشيعة العائدين ؛ إذ يقول : « توفي أحد السادة
المدرسين في الحوزة النجفية ، فغسلت جثمانه مبتغياً بذلك وجه الله ، وساعدني
في غسله بعض أولاده ، فاكشتفت أثناء الغسل أن الفقيد الراحل غير مختون »
[3] .
والختان شائع عند المسلمين واليهود ولا يعمله النصارى ، وهذا السيد الفقيد
محسوب على بني هاشم ؛ فهل بعد هذا التزوير في الدين والنسب تُصدَّق دعواهم ؟
!
ويقول أيضاً : « وهناك بعض السادة في الحوزة لي عليهم ملاحظات تثير الشكوك
حولهم والريب ؛ وأنا والحمد لله دائب البحث والتحري للتأكد من حقيقتهم »
[4] .
أي حقيقة : حقيقة الدين ، أم حقيقة النسب ؟
لا شك أنه يريد حقيقة الدين : هل هم يهود ، أم نصارى ، أم مجوس ؟
فهؤلاء أساتذة الحوزة من السادة ( من بني هاشم ) هذه حقيقتهم ؛ فماذا تكون
حقيقة السادة السياسيين ؟
اعترافات خطيرة :
في السنوات الأخيرة تاب ثلة من علماء الشيعة
من أباطيلهم ، واعترفوا بفساد العقيدة الشيعية ، ومن هؤلاء الشيخ حسين
الموسوي مؤلف كتاب : ( لله ثم للتاريخ ) حيث ذكر أحوالاً سافلة في تزوير
النسب الهاشمي بأبخس الأثمان وأحط الأحوال .
ويحسن بي أن أنقل كلامه حول النسب الهاشمي وتزويره في النجف إذ يقول : «
ويحسن بنا أن ننبه إلى أن الفقهاء والمراجع الدينية يزعمون أنهم من أهل البيت
؛ فترى أحدهم يروي لك سلسلة نسبه إلى الكاظم ( عليه السلام ) . اعلم أنه
يستحيل أن يكون هذا الكم الهائل من فقهاء العراق وإيران و سوريا و لبنان ودول
الخليج والهند و باكستان وغيرها من أهل البيت ، ومن أحصى فقهاء العراق وجد أن
من المحال أن يكون عددهم الذي لا يحصى من أهـل البيت ؛ فكيف إذا ما أحصينا
فقهاء البلاد الأخرى ومجتهديها ؟ لا شك أن عددهم يبلغ أضعافاً مضاعفة ؛ فهل
يمكن أن يكون هؤلاء جميعاً من أهل البيت ؟
وفوق ذلك فإن شجرة الأنساب تباع وتشترى في الحوزة ؛ فمن أراد الحصول على شرف
النسبة لأهل البيت فما عليه إلا أن يأتي بأخته أو امرأته إذا كانت جميلة إلى
أحد السادة ليتمتع بها ، أو أن يأتيه بمبلغ من المال وسيحصل بإحدى الطريقتين
على شرف النسبة وهذا أمر معروف في الحوزة .
لذلك أقول لكم : لا يغرنكم ما يضعه بعض السادة والمؤلفين عندما يضع أحدهم
شجرة نسبه في الصفحة الأولى من كتابه ليخدع البسطاء والمساكين كي يبعثوا له
أخماس مكاسبهم » [5] .
وبعد فإن نبينا صلى الله عليه وسلم نهانا عن الطعن في الأنساب ، وأنها من
الجاهلية وأخلاقها ؛ غير أن الأمر هنا يتعلق بالدين والافتراء عليه ، والتعلق
بالنسب الهاشمي الشريف لتضليل العباد وتكفيرهم وهدم الإسلام والتفريق بين
أبنائه ؛ فكان على من علم أن ينصح ويحذر المسلمين ، وعسى أن تكون هذه الكلمات
طليعة لأقلام أخرى تساهم في إماطة اللثام عن وجه الحقيقة في هذه القضية
الخطيرة .
________________________
(1) انظر : الخميني في
الميزان ، د موسى الموسوي ، ص 148 .
(2) وقد ذكر ذلك في المسجد المركزي في لندن لبعض إخواننا
من طلبة العلم ، والكاتب هذا في علماء الشيعة الذين يدعون إلى تصحيح المذهب
ونبذ الخرافات ، وقد نقض الإمامة الشيعية بأدلة قوية ، وله كتاب في ذلك اسمه
: (تطور الفكر الشيعي) .
(3) انظر : لله ثم للتاريخ ، حسين الموسوي ، ص 101 ، ط 4
دار الأمل القاهرة .
(4) المصدر السابق .
المصدر : مجلة البيان - العدد 173