بسم الله الرحمن الرحيم

حديث : " لا بأس بتعليق التعويذ من القرآن قبل نزول البلاء وبعد نزول البلاء‏"


السؤال :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته وبعد لعلي اطرح على الأحباب في هذا المنتدى سؤال حول حديث طُرح علي فلم اصد إجابته فلعل احد الأخوة يفدنا في ذلك و الله يحفظ الجميع
وهذا الحديث هو حديث روته عائشة رضي الله عنها ونصه
(لا بأس بتعليق التعويذ من القرآن قبل نزول البلاء وبعد نزول البلاء‏.)
ح28413 / كنز العمال وعزاه صاحب الكنز إلى أبونعيم وبحثت عنه في الحلية و أخبار أصبهان وقال لي أحد الأخوة أنه ليس في الطب – ولم يتأكد – فلعل من يجد سنده يفيدنا عند أبو نعيم أو غيره مع أنه في الفردوس بمأثور الخطاب ( 5 / 201 ح 7950 ) عن أنس رضي الله عنه بلفظ ( لا بأس بتعليق التعويذة من القرآن قبل نزول البلاء وبعد نزول البلاء )
وعند البيهقي سنن البيهقي الكبرى ( 9 / 351 ح 19396) موقوفا على سعيد بن المسيب رحمه الله فقد سأل نافع بن يزيد يحيى بن سعيد عن الرقى وتعليق الكتب فقال كان سعيد بن المسيب يأمر بتعليق القرآن وقال لا بأس به.
فنرجو الإفادة بأسرع وقت وبارك الله في جهود الجميع

الجواب :
حديث عائشة أورده العلامة الألباني في " الضعيفة " (4770) وقال :

ضعيف . أخرجه الديلمي (4/204) عن أبي نعيم بسنده عن هاشم بن عمرو البيروتي : حدثني أبي : حدثني سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا .

قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ سليمان بن أبي كريمة ؛ ضعفه أبو حاتم .

وقال ابن عدي : " عامة أحاديثه مناكير " .

وعمرو البيروتي : هو ابن هاشم ؛ قال الحافظ : " صدوق يخطئ " .

وابنه هاشم بن عمرو ؛ لم أجد له ترجمة .ا.هـ.

وكأنك تبحث في مسألة التمائم التي فيها شيء من القرآن .

اعلم أخي أن التمائم التي من القرآن اختلف فيها أهل العلم على قولين :

القول الأول :
وهم القائلون بمنع التعليق وذهب إلى هذا القول عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وعقبة بن عامر ، وإبراهيم النخعي وهؤلاء ذكر ابن أبي شيبة في " مصنفه " (5/35) جملة من الآثار الواردة عنهم في النهي عن تعليق تمائم القرآن .

وممن ذهب إلى المنع أيضا عبد الله بن عكيم كما عند الترمذي (2072) ، ‏عَنْ ‏عِيسَى ‏أَخِيهِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ أَبِي مَعْبَدِ الْجُهَنِيِّ ‏أَعُودُهُ وَبِهِ حُمْرَةٌ فَقُلْنَا : أَلَا ‏‏تُعَلِّقُ ‏شَيْئًا ؟ قَالَ : الْمَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏ : مَنْ ‏‏تَعَلَّقَ ‏‏شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ .

قال الترمذي : ‏وَحَدِيثُ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ ‏ ‏إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ ‏مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ‏. ‏وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ ‏لَمْ يَسْمَعْ مِنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،‏ ‏وَكَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ : كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وبوب الترمذي لهذا الحديث : ما جاء في كراهية التعليق .

ورواية عن الإمام أحمد اختارها كثير من أصحابه ، وجزم بها المتأخرون ، وابن العربي في عارضة الأحوذي (8/222) ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في " الفتاوى " (2/384) ، والعلامة الألباني في " الصحيحة " (1/585) .

واستدلوا بما يلي :
1- عموم النهي الوارد في تحريم التمائم ولم يأت ما يخصص هذا العموم .والقاعدة الأصولية تقول : إن العام يبقى على عمومه حتى يرد دليل بالتخصيص . قال صلى الله عليه وسلم : " من علق تميمة فقد أشرك " .
رواه أحمد (4/156) السلسة الصحيحة حديث (492) .

وقال : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " رواه أحمد السلسة الصحيحة حديث (331) .

قالوا : فهذه الأحاديث دلت بعمومها على منع التعليق مطلقا ولم يرد ما يخصص التمائم التي من القرآن أو غيره فالواجب حملها على عومها .

2- لو كان هذا العمل مشروعا لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته إذ البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة والمتتبع للسنة يرى أن جميع الأحاديث الواردة في الأذكار والدعوات وردت بلفظ من قال كذا أو من قرأ كذا ولم يرد في حديث واحد من كتب كذا أو علق كذا .

وفي ذلك قال ابن العربي : وتعليق القرآن ليس من السنة وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق .

3- سد الذرائع ، وهذا أمر عظيم في الشريعة ومعلوم أنا إذا قلنا بجواز تعليق التمائم التي من الآيات القرآنية والدعوات النبوية انفتح باب الشرك واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة وتعذر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة ، ولاستغل هذا الباب دعاة الضلال والخرافات وأيضا فإن هذه التمائم تعرض القرآن للنجاسات والأماكن التي يجب أن ينزه القرآن عنها ومن علقه يتعذر عليه المحافظة على ذلك خاصة عندما يعلق على الأطفال .

القول الثاني :
القائلون بالجواز ، وذهب إلى هذا القول عائشة كما عند الحاكم في " المستدرك " (4/217) .

وظاهر الرواية عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، والرواية عنه ضعيفة كما ذكر العلامة الألباني في تعليقه على الكلم الطيب ، وسعيد بن المسيب ، وابن سيرين ، وعطاء ، وأبو جعفر الباقر ، ومالك ، وأحمد في رواية ، وابن عبد البر ، والقرطبي ، وظاهر قول شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وابن حجر .

وقولهم أن التعليق الجائز هو ما كان بعد نزول البلاء أما ما كان قبله فليس بجائز .

وللمزيد من تفصيل الأدلة ينظر كتاب " أحكام الرقى والتمائم " ( ص243 - 253) للدكتور فهد السحيمي .

رابط الموضوع

كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل
zugailam@islamway.net 

الصفحة الرئيسة      |      صفحة الشيخ