قال الإمام ابن القيم في " بدائع الفوائد " (2/47) :
وأما المسألة الثالثة عشرة :
وهو تقديم المغضوب عليهم على الضالين فلوجوه :
أحدها :
أنهم متقدمون عليهم بالزمان .
الثاني :
أنهم كانوا هم الذين يلون النبي من أهل الكتابين فإنهم كانوا جيرانه في
المدينة ، والنصارى كانت ديارهم نائية عنه ، ولهذا تجد خطاب اليهود والكلام
معهم في القرآن الكريم أكثر من خطاب النصارى ، كما في سورة البقرة والمائدة
وآل عمران وغيرها من السور .
الثالث :
أن اليهود أغلظ كفرا من النصارى ، ولهذا كان الغضب أخص بهم واللعنة والعقوبة
، فإن كفرهم عن عناد وبغي كما تقدم ، فالتحذير من سبيلهم والبعد منها أحق
وأهم بالتقديم ، وليس عقوبة من جهل كعقوبة من علم .
الرابع :
وهو أحسنها أنه تقدم ذكر المنعم عليهم والغضب
ضد الإنعام ، والسورة هي السبع المثاني التي يذكر فيها الشيء ومقابله ، فذكر
المغضوب عليهم مع المنعم عليهم فيه من الإزدواج والمقابلة ما ليس في تقديم
الضالين ، فقولك : " الناس منعَمٌ عليه ومغضوب عليه فكن من المنعم عليهم " ،
أحسن من قولك : مُنْعَمٌ عليه وضالٌّ .ا.هـ.