بسم الله الرحمن الرحيم

أسئلة عن : فاضطروهم إلى أضيقه - الأذان الأول للفجر/ أبخل الناس


ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام ( فاضطروهم إلى أضيقه) ؟
هل الأذان الأول للفجر موجود في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم أو وقت الصحابة ؟
قرأت في أحد الكتب حديثا ( أبخل الناس من بخل بالسلام) ، فهل هو ثابت .


الجواب :
نبدأ بنص الحديث :
‏عَنْ ‏‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: ‏لَا تَبْدَءُوا ‏ ‏الْيَهُودَ ‏‏وَالنَّصَارَى ‏‏بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ ‏.  رواه مسلم والترمذي وأحمد .

وله قصة عند أبي داود :
‏عَنْ ‏سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ‏‏قَالَ ‏: ‏خَرَجْتُ مَعَ ‏ ‏أَبِي ‏‏إِلَى ‏‏الشَّامِ ‏فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ ‏‏بِصَوَامِعَ ‏فِيهَا ‏‏نَصَارَى ‏‏فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَبِي : لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ فَإِنَّ ‏‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏‏حَدَّثَنَا ‏‏عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ : ‏‏لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ ‏.

الله أكبر .

ولاء وبراء واقع عملي وليس مجرد كلام يلقى .

أما كلام العلماء بخصوص عبارة : " وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ ‏" .
1 - قال الترمذي تعليقا على معنى الحديث :
‏وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَا تَبْدَءُوا ‏ ‏الْيَهُودَ ‏ ‏وَالنَّصَارَى .‏
‏قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِنَّمَا أُمِرَ الْمُسْلِمُونَ بِتَذْلِيلِهِمْ وَكَذَلِكَ إِذَا لَقِيَ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يَتْرُكْ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُمْ .ا.هـ

2 - نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن القرطبي ما نصه :
قال القرطبي في قوله " وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " معناه لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكراما لهم واحتراما ، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى ، وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب .ا.هـ

3 - وقال صاحب عون المعبود :
( فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ ) ‏أَيْ أَلْجِئُوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيق جِدَار يَلْتَصِق بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَيَأْمُرُهُ لِيَعْدِلَ عَنْ وَسَطِ الطَّرِيقِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ , قَالَهُ الْقَارِي .

‏وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : يَعْنِي لَا تَتْرُكُوا لَهُمْ صَدْر الطَّرِيق هَذَا فِي صُورَة الِازْدِحَام وَأَمَّا إِذَا خَلَتْ الطَّرِيق فَلَا حَرَج .ا.هـ

4 - ‏قال صاحب " تحفة الأحوذي " المباركفوري :
( إِلَى أَضْيَقِهِ ) ‏‏أَيْ أَضْيَقِ الطَّرِيقِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ جِدَارٌ يَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَيَأْمُرُهُ لِيَعْدِلَ عَنْ وَسَطِ الطَّرِيقِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ .

وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُكْرَهُ اِبْتِدَاؤُهُمْ بِالسَّلَامِ وَلَا يَحْرُمُ , وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ , فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ اِبْتِدَائِهِمْ .

وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ اِبْتِدَاؤُهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ .

وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَالنَّخَعِيِّ .

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : إِنْ سَلَّمَتْ فَقَدْ سَلَّمَ الصَّالِحُونَ وَإِنْ تَرَكْت فَقَدْ تَرَكَ الصَّالِحُونَ . وَأَمَّا الْمُبْتَدِعُ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُبْدَأُ بِالسَّلَامِ إِلَّا لِعُذْرٍ وَخَوْفٍ مِنْ مَفْسَدَةٍ , وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَبَانَ ذِمِّيًّا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ اِسْتَرْجَعْت سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ .

وَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُتْرَكُ لِلذِّمِّيِّ صَدْرُ الطَّرِيقِ بَلْ يُضْطَرُّ إِلَى أَضْيَقِهِ , وَلَكِنَّ التَّضْيِيقَ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِنْ خَلَتْ الطَّرِيقُ عَنْ الزَّحْمَةِ فَلَا حَرَجَ اِنْتَهَى .ا.هـ


هل الأذان الأول للفجر موجود في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم أو وقت الصحابة ؟

نعم أخي وإليك الدليل :
‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ :‏ ‏إِنَّ ‏‏بِلَالًا ‏ ‏يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ‏ ‏ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ . رواه البخاري .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
فَلِهَذَا وَاَللَّه أَعْلَم اِسْتَقَرَّ أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّن الْأَذَان الْأَوَّل .ا.هـ


قرأت في أحد الكتب حديثا ( أبخل الناس من بخل بالسلام) ، فهل هو ثابت

قال الحافظ ابن حجر في الفتح [ كتاب الأطعمة : باب الرطب بالقثاء ] :
تَنْبِيهٌ :
‏ ‏أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيّ طَرِيق عَاصِم مِنْ حَدِيث أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّد بْن بَكَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا بِسَنَدِ الْبُخَارِيّ فِيهِ وَزَادَ فِي آخِره " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : إِنَّ أَبْخَل النَّاس مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ , وَأَعْجَز النَّاس مَنْ عَجَزَ عَنْ الدُّعَاء " وَهَذَا مَوْقُوف صَحِيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَكَأَنَّ الْبُخَارِيّ حَذَفَهُ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا وَلِعَدَمِ تَعَلُّقه بِالْبَابِ , وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَاللَّهُ أَعْلَم .ا.هـ

وصححه العلامة الألباني موقوفا ومرفوعا في الصحيحة (601) .

وقد حكم عليه عمرو عبد المنعم سليم في " صون الشرع الحنيف " (1/127) فقال :
منكر ، وهو صحيح موقوفا .ا.هـ.

وتعقب العلامة الألباني في تصحيحه للمرفوع والموقوف فقال :
وأما الشيخ العلامة الألباني فقد صحح الموقوف والمرفوع في " الصحيحة " (601) دون اعتبار الاختلاف في السند فقال في " صخيخ الأدب المفرد " (795) : " صحيح الإسناد وموقوفا ، وصح مرفوعا " . وللمرفوع شاهد من حديث عبد الله بن مغفل .

أخرجه الطبراني في " الدعاء " (61) من طريق : زيد بن الحريش ، حدثنا عثمان بن الهيثم ، حدثنا عوف ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل مرفوعا به .

قلت : وهذا السند ضعيف لا ينهض للتقوية ، فإن زيد بن الحريش هذا مجهول الحال كما قال ابن القطان الفاسي ، وأما ابن حبان ؛ فأورده في " الثقات " (8/251) وقال :"ربما أخطأ " ، وليس هذا مرق لحاله ، وابن حبان متساهل ، ومثله لا يُحتمل منه التفرد .

وعثمان بن الهيثم صدوق في نفسه إلا أنه كثير الخطأ ، وكان بأخرة يُلقن فيتلقن ، وقد ذكر عند الإمام أحمد فأومأ بيده إلا أنه ليس بثبت ، وهو من الأصاغر الذين حدثوا عن ابن جريج وعوف ، ولم يحدِّث عنه ، وقال الدارقطني : " صدوق كثير الخطأ " .

فهذا الإسناد لا يكاد يحفظ من هذا الوجه .

وقد وهم العلامة الألباني في عزو هذا الشاهد إلى عبد الغني المقدسي ، إنما هو عند الطبراني ، فتنبه .ا.هـ.
والله أعلم

رابط الموضوع

كتبه
عَـبْـد الـلَّـه زُقَـيْـل
zugailam@islamway.net