بسم الله الرحمن الرحيم

من القائل : " لو كان لي دعوة صالحة لصرفتها إلى الإمام " ؟


الحمد لله وبعد ؛
هناك بعض الأقوال أو العبارات تنسب إلى بعض الأئمة من أهل السنة والجماعة ، ويستشهد بها كثير من طلبة العلم في أُطروحاتهم أو مقالتهم ، وبعد التدقيق والتمحيص نرى أن نسبة هذه الأقوال ليست إلى أولئك الأئمة ليست دقيقة .

ومن هذه العبارات : " لو كان لي دعوة صالحة لصرفتها إلى الإمام " .
وهذه العبارة تنسب إلى الإمام أحمد – رحمه الله - ، والصواب أنها للفضيل بن عياض كما أسندها إليه غير واحد من العلماء .

نص العبارة :
روى أبو نعيم في الحلية (8/91) قال :
حدثنا محمد بن ابراهيم ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد بن يزيد البغدادي - ولقبه من دونه - قال سمعت الفضيل بن عياض يقول : لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها الا في الامام . قيل له : وكيف ذلك يا أبا علي ؟ قال : متى ما صيرتها في نفسي لم تحزني ومتى صيرتها في الامام فصلاح الامام صلاح العباد والبلاد . قيل : وكيف ذلك يا أبا علي ؟ فسر لنا هذا . قال : أما صلاح البلاد فإذا أمن الناس ظلم الإمام عمروا الخرابات ونزلوا الارض ، وأما العباد فينظر إلى قوم من أهل الجهل فيقول : قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلم القرآن وغيره ، فيجمعهم في دار خمسين خمسين أقل أو أكثر ، يقول للرجل : لك ما يصلحك ، وعلم هؤلاء أمر دينهم ، وانظر ما أخرج الله عز وجل من فيهم مما يزكى الارض فرده عليهم . قال : فكان صلاح العباد والبلاد ، فقبل ابن المبارك جبهته وقال : يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك .

وقد أوردها ابن عبد البر في جامع العم وفضله (1/641) بغير إسناد ، وقال سمير الزهيري في تخريجه في الحاشية : صحيح … وعبد الصمد بن يزيد هو المعروف بمردويه ، أبو عبد الله الصائغ ، خادم الفضيل بن عياض كان ثقة من أهل السنة والورع .ا.هـ.
ورواها أبو يعلى (2/36) في طبقات الحنابلة أيضا بدون إسناد .

وقد رد الشيخ بكر أبو زيد نسبة هذه المقولة إلى الإمام أحمد في التأصيل ( ص 76) فقال : ومنها : القولة المشهورة :
" لو كان لي دعوة صالحة لصرفتها إلى الإمام " . ونسبتها إلى الإمام أحمد – رحمه الله تعالى - .

وقد بحثت طويلا فلم أرها منسوبة إليه مسندة ، وإنما رأيتها مسندة للفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى – بلفظ :  " لو أن لنا دعوة مستجابة ما صيرناها إلا للإمام " .

أخرج هذا الأثر : أبو نعيم في العادلين ، وحلية الأولياء ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ، والبربهاري في شرح السنة وبين وجهها بقوله : " وإذا جعلتها في نفسي لم تعدني ، وإذا جعلتها في السلطان صلحَ ، فصلح بصلاحه العباد والبلاد " انتهى .

لكن في كتاب السنة للخلال بسنده عن الإمام أحمد ما نصه : وإني لأدعو له – الإمام – بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار – والتأييد وأرى ذلك واجبا عليَّ " انتهى .

ثم رأيتها منسوبة – غير مسندة – إلى الإمام أحمد – رحمه الله – في فتاوى ابن تيمية (28/391) ، وكشاف القناع (2/32) .ا.هـ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (28/391) :
ولهذا كان السلف – كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما – يقولون : لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان .ا.هـ.

والله اعلم

عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com