بسم الله الرحمن الرحيم

ما حكم اللحية بالنسبة للعاملين في الجيش ؟


السؤال :
أنا ضابط بالجيش وكنت على جهل عظيم بالكثير من الأمور الشرعية والآن أرسلونى منذ عامين تقريبا للدراسة بالخارج فأكرمنى الله تعالى بالمعرفة أود معرفة الآتي:
- لا يجوز لي ان أطلق لحيتي واذا قلت لهم اقيلوني سيطلبوا منى تكلفة هذه الدراسة وأنا لا امتلكها طبعا بالإضافة إلى المضايقات الأخرى .
الجواب :
اعلم أخي أن حلق اللحية محرم ، لما ورد من نصوص صريحة صحيحة في ذلك فمنها :

- من قول النبي صلى الله عليه وسلم :
‏عَنْ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏قَالَ ‏: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: " ‏خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ‏‏ أَحْفُوا ‏‏الشَّوَارِبَ ‏، ‏وَأَوْفُوا ‏ ‏اللِّحَى " . متفق عليه .
وجاء في رواية عند البخاري : ‏خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ .

- من فعله صلى الله عليه وسلم :
كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيف شعر اللحية ـ رواه مسلم عن جابر ، وفي رواية كثيف اللحية ، وفي أخرى كث اللحية والمعنى واحد .

وحكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض ، واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق .

وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد : يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال .

- حديث لا يثبت في الأخذ من اللحية :
‏عَنْ ‏عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ‏، ‏عَنْ ‏أَبِيهِ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏جَدِّهِ ‏: ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏كَانَ ‏ ‏يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا .  رواه الترمذي (2762) .
قال الترمذي : ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ غَرِيبٌ ‏.

‏و سَمِعْت ‏مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَعِيلَ ‏يَقُولُ ‏: ‏عُمَرُ بْنُ هَارُونَ ‏مُقَارِبُ الْحَدِيثِ لَا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ، أَوْ قَالَ : يَنْفَرِدُ بِهِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ ‏ ‏كَانَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ‏عُمَرَ بْنِ هَارُونَ .ا.هـ.

قال ابن الجوزي في العلل المتناهية : هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتهم به عمر بن هارون البلخي ، قال العقيلي : لا يعرف إلا به .

قال يحيى هو كذاب ، وقال النسائي: متروك . وقال البخاري لا أعرف لعمر بن هارون حديثاً لا أصل له إلا هذا . وقال ابن حبان : يروي عن الثقات المعضلات . ويدعي شيوخاً لم يرهم . ا.هـ

وبعد ذكر هذه النصوص ، لا يشك من أنار الله بصيرته أن حلق اللحية محرم ، وهو معصية لا شك .

أما ما يُفعل في كثير من بلاد المسلمين من إلزام أفراد الجيش أو الشرطة من حلق اللحية فهذا منكر عظيم ، ولا يجوز للقائمين على أمور الشرطة أو المجندين إجبارهم على حلق لحاهم ، ولا طاعة لهم في ذلك ، بل إن الواجب عليهم هو حملهم على الالتزام بفرائض الإسلام وواجباته ، وحثهم على سننه وآدابه ومن فرائضه إعفاء اللحية .

وحالتك أخي لا يجوز أن تطيعهم في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

وإليك هذه القصة والتي أسأل الله أن ينفعك بها :
‏عَنْ ‏عَلِيٍّ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏بَعَثَ جَيْشًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ ‏ ‏رَجُلًا ‏؛ ‏فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ : ادْخُلُوهَا ؛ فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا ؛ فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا :‏ ‏لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ : لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ . حديث متفق عليه .

وإذا اتقيت الله سيجعل لك مخرجا ، قال تعالى : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " [ الطلاق : 2 - 3 ] .


السؤال :
- يوجد مسجد على مسافة 30 دقيقة بالدراجة من منزلي يصلى به صينيون في قرية إسلامية - ثبتنا الله وإياهم- أحاول جاهدا الذهاب إلى هناك مرة واحدة او اثنين يوميا هل ذهابي هذا يعتبر نافلة لي أم الأفضل الاستفادة من هذا الوقت بالنوافل الأخرى في بيتي والصلاة جماعة بزوجتي .
الجواب :
جاءت النصوص بإجابة المنادي للصلاة فمن ذلك :
- ‏عَنْ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏، عَنْ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ ‏: ‏مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ .  رواه ابن ماجه (793) .

وقد اختُلف في رفعه ووقفه ، قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (404) : رواه ابن ماجه ، والدارقطني ، وابن حبان ، والحاكم ، وإسناده على شرط مسلم ، لكن رجح بعضهم وقفه .ا.هـ.

وذهب العلامة الألباني في الإرواء (2/337) إلى رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

- ‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏قَالَ :‏ أَتَى النَّبِيَّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إِنَّهُ لَيْسَ لِي ‏قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ ‏‏: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَأَجِبْ . أخرجه مسلم (653) .

- ‏عَنْ ‏أَبِي الْأَحْوَصِ ‏ ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ ‏قَالَ ‏‏: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ‏‏فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا ‏يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ ‏ ‏سُنَّةَ ‏نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ ‏ ‏يَخْطُوهَا حَسَنَةً ، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ ‏ ‏يُهَادَى ‏ ‏بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ .  أحرجه مسلم .

والأحاديث في تعظيم شأن الصلاة والحث على أدائها في المساجد كثيرة فالواجب على المسلمين المحافظة عليها في المساجد والتواصي بذلك والتعاون على ذلك .

أما من كان بعيداً عن المسجد لا يسمع النداء إلا بالمكبّر فإنه لا يلزمه الحضور إلى المسجد وله أن يصلي ومن معه في جماعة مستقلة لظاهر الأحاديث المذكورة . فإن تجشموا المشقة وحضروا مع الجماعة في المساجد التي لا يسمعون منها النداء إلا بالمكبر بسبب بعدهم عنها كان ذلك أعظم لأجرهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى .

لكن يجب التنبه إلى أن توفر وسائل النقل وسهولة الطرق جعل شهود الصلاة أمراً ميسوراً، وفي حضور الجماعة من المنافع الدينية والدنيوية ما يجعل شهودها فضيلة، وإن لم يكن واجباً، لبعد المسافة ونحوها. كما أن استخدام منبه الصوت لكل الصلوات مما يعين على شهودها في أوقاتها. واتخاذ الأسباب المعينة على أداء الواجب واجب. والله أعلم.
والله أعلم .

رابط الموضوع

كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com