بسم الله الرحمن الرحيم

مَا يُقَالُ عِنْدَ سَمَاعِ الرَّعْدِ فِي مِيزَانِ النَّقْدِ الحَدِيثِي


الـــحَـــمْـــدُ لِـــلَّـــهِ وبَـــعَـــدُ ؛
هذا بحثٌ بخصوص ذكرٍ يقال عند سماع الرعد ، جمعت فيه الأحاديث سواء المرفوع منها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ما ورد عن الصحابة .

- المرفوعُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم :
1 - عَنْ ‏سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏، ‏عَنْ ‏أَبِيهِ ‏: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَالصَّوَاعِقِ قَالَ ‏: ‏اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ وَلَا تُهْلِكْبِكَ وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ .
أخرجه الترمذي (3450) ، والنسائي في الكبرى (10698) ، والبخاري في الأدب المفرد (721) ، وأحمد (2/100) .
قال الترمذي عقب الحديث : ‏هَذَا ‏حَدِيثٌ غَرِيبٌ ‏‏لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه .
ومدار الحديث على رجل يقال له : أبو مطر وهو مجهول كما ذكر الذهبي والحافظ ابن حجر . وأيضا في سنده حجاج بن أرطاة وهو ضعيف .
وقد صحح الحديث العلامة أحمد شاكر – رحمه الله – في تخريج المسند (5763) .
أما العلامة الألباني فقد ذهب إلى تضعيف الحديث في الضعيفة (1042) ، وضعيف الأدب المفرد ( 111) .
وأخرج الحديث ابن أبي شيبة (10/214) عن جعفر بن برقان قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرعد قال : فذكر الحديث .
وهذا إسناد معضل .
تنبيه :
قال العلامة الألباني في ضعيف الأدب المفرد عن الحديث : ليس في شيء من الكتب الستة .ا.هـ.

2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَ الْحَدِيث : أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد قَالَ : " سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّح الرَّعْد بِحَمْدِهِ " .
أخرجه الطبري في تفسيره (20260) .
وفي سنده رجل لم يسم ، فهو سند ضعيف .

3 – عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله عز وجل فإنه لا يصيب ذاكرا .
أخرجه الطبراني في الكبير (11/164) .
في إسناده يحيى بن كثير ، وعبد الكريم أبو أمية وهما ضعيفان .
قال الهيثمي في المجمع (10/136) : رواه الطبراني وفيه يحيى بن كثير أبو النضر وهو ضعيف .
قال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/286) نقلا عن الحافظ ابن حجر : في سنده ضعف .
وقال العلامة الألباني في الضعيفة (2568) : ضعيف جدا ... قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ؛ عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق البصري أبو أمية المعلم ؛ وهو ضعيف ، وله ذكرٌ في مقدمة مسلم .
ويحيى بن كثير أبو النضر متروك ؛ كما قال الدارقطني ، وبه وحده أعله المناوي تبعا للهيثمي ! .ا.هـ.

4 – عن عبيد الله بن أبي جعفر أن قوما سمعوا الرعد فكبروا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم الرعد فسبحوا ، ولا تُكبروا .
أخرجه أبو داود في المراسيل (531) .
قال شعيب الأرنوؤط في تخريجه للمراسيل : محمود بن خالد ثقة ، ومن فوقه من رجال الصحيح .ا.هـ.
والمرسل كما هو معلوم من قسم الضعيف ، فيكون الحديث ضعيفا .
وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (552) .

- الأثار الواردة عن الصحابة :
1 - ‏عن عبد الله بن الزبير أَنَّهُ كَانَ ‏إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ .
أخرجه رواه الإمام مالك في الموطأ (2/992) ، والبخاري في الأدب المفرد (723) ، والبيهقي في الكبرى (3/362) .
أما الإمام مالك في الموطأ فقد قال : عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ... الحديث .
أي أنه سقط " عن عبد الله بن الزبير " فهو مقطوع كما أشار إلى ذلك الشيخ العلامة الألباني في تخريج " الكلم الطيب " (157) .
ورواه البخاري من طريق مالك موصولا إلى عبد الله بن الزبير .
قال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/285) : قال الحافظ - أي ابن حجر - : هو حديث موقوف أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك .ا.هـ.
وقال العلامة محمد ناصر الدين الألباني في تخريج " الكلام الطيب " (157) : صحيح الإسناد موقوفا .
وصححه في صحيح الأدب المفرد (556) .
وقال الشيخ مصطفى العدوي في تخريج الوابل الصيب (ص 197) : حديث موقوف صحيح .

2 - عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَانَ الَّذِي سَبَّحْتَ لَهُ " .
أخرجه الطبري في تفسيره (20262) ، والبخاري في الأدب المفرد (722) وفيه زيادة :
قال ابن عباس : إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه .
والحديث أقل أحواله أنه حسن بسبب الحكم بن أبان ، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق عابد له أوهام .
وضعف الأثر الشيخ العلامة الألباني في ضعيف الأدب المفرد (112) وقال :
ضعيف الإسناد موقوف ، موسى – أي بن عبد العزيز – سيىء الحفظ ، والحكم – وهو ابن أبان – ليس بالثبت ، وثبت الشطر الأول منه بنحوه مرفوعا .ا.هـ.

3 - عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْت الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ " .
وفي سنده مسعدة بن اليسع بن قيس اليشكري الباهلي .
قال عنه الذهبي في الميزان (4/98) : سمع من مُتَأَخِّري التابعين . هالك . كذبه أبو داود . وقال أحمد بن حنبل : حرقنا حديثه منذ دهر .

4 - عَنْ الْأَسْوَد بْن يَزِيد , أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَان مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ " , أَوْ " سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّح الرَّعْد بِحَمْدِهِ , وَالْمَلَائِكَة مِنْ خِيفَته ".
أخرجه الطبري في تفسيره (20263) .
وهذا سند فيه انقطاع بين أبي صخرة والأسود بن يزيد ، وقد رجعت إلى ترجمة أبي صخرة في التهذيب (4/486) ولم أجد من شيوخه الأسود بن يزيد بل وجدت أخيه عبد الرحمان بن يزيد النخعي .
وهذا ما أشار إليه محقق تفسير الطبري (16/389) .

5 - عَنْ طَاوُس أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ " .
أخرجه الطبري في تفسيره (20264) .
وذكره النووي في كتاب الأذكار (ص 263) فقال : وروى الإمام الشافعي رحمه الله في الأم بإسناد صحيح عن طاوس الإمام التابعي الجليل رحمه الله أنه كان يقول : فذكره .
وقال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/286) نقلا عن الحافظ : هذا موقوف صحيح .

6 - عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , قَالَ : كَانَ اِبْن أَبِي زَكَرِيَّا يَقُول : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَع الرَّعْد : " سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ " , لَمْ تُصِبْهُ صَاعِقَة .
أخرجه الطبري في تفسيره (20265) .
وفي سنده ميسرة بن عبد ربه الفارسي ، قال عنه الذهبي في الميزان (4/230) : قال ابن حبان : كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، ويضع الحديث ، وهو صاحب حديث فضائل القرآن الطويل .
وقال الدارقطني : متروك . وقال أبو حاتم : كان يفتعل الحديث .

7 – عن عبد الله بن عباس قال : كنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سفر فأصابنا رعد وبرق وبرد ، فقال لنا كعب : من قال حين يسمع الرعد : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي مما يكون في ذلك الرعد ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلنا فعوفينا ، ثم لقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعض الطريق فإذا بردة أصابت أنفه فأثرت به فقلت : يا أمير المؤمنين ما هذا ؟ فقال : بردة أصابت أنفي فأثرت بي ، فقلت : إن كعبا حين سمع الرعد قال لنا : من قال حين يسمع الرعد : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته عوفي مما يكون في ذلك الرعد ، فقلنا فعوفينا ، فقال عمر رضي الله عنه : فهلا أعلمتمونا حتى نقوله .
أخرجه الطبراني في الدعاء (985) ، وذكره النووي في الأذكار (ص 263) .
وقال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/286) نقلا عن الحافظ ابن حجر : لم يذكر من خرجه وهو عندنا بالإسناد إلة الطبراني بإسناده إليه ... فذكر الحديث هذا موقوف حسن الإسناد ، وهو إن كان عن كعب فقد أقره ابن عباس وعمر فدل على أن له أصلا .ا.هـ.
هذا ما نالته يدي من الأحاديث بخصوص أذكار سماع الرعد .

أسأل الله أن ينفع بهذا البحث ، وأن يجعله خالصا لوجهه .

رابط الموضوع

كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com