بسم الله الرحمن الرحيم

العزل في الجماع

 
السؤال :
؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
العزل ممارسة مشروعة بين الزوجين ، و لا تحرم ما لم يكن فيها مضارّةٌ بأحدهما ، أو إكراه له على ما لا يرتضيه ، و النصوص الدالة على أن الأصل في العزل الإباحة كثيرة جداً ، تحكي فعل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، و إقرار النبي صلى الله عليه و سلم لهم فيما أخبروه به أو بلغه عنهم ، و من ذلك : روى مسلم و أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم غزوةً بالمصطلق ،‏ فسبينا كرائم العرب ‏.‏ فطالت علينا العزبة و رغبنا في الفداء‏ .‏ فأردنا أن نستمتع و نعزل‏ .‏ فقلنا‏ :‏ نفعل و رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أظهرنا لا نسأله ‏!!‏ فسألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ‏:‏ ‏( ‏لا عليكم أن لاتفعلوا‏ .‏ ما كتب الله خَلْقَ نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة ، إلا ستكون ) ‏‏.‏ و في رواية : ( فإن الله كتب من هو خالق إلى يوم القيامة‏ ) .
قال النووي في شرح صحيح مسلم : والعزل هو نزع الذكر من الفرج وقت الإنزال، خوفا من حصول الولد‏ ... و ( لا عليكم أن لا تفعلوا‏ )‏ معناه ما عليكم ضرر في العزل ، لأن كل نفس قدر الله خلقها لابد أن يخلقها ‏.‏ سواء عزلتم أم لا‏.‏ وما لم يقدر خلقها لا يقع، سواء عزلتم أم لا‏.‏ فلا فائدة في عزلكم‏.‏ فإنه إن كان الله تعالى قدر خلقها سبقكم الماء، فلا ينفع حرصكم في منع الخلق‏ .اهـ .
و في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري‏ ،‏ قال ‏:‏ ذكر العزل عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال ( ‏و ما ذاكم ‏؟ ) قالوا ‏:‏ الرجل تكون له المرأة ترضع فيصيب منها‏ ،‏ و يكره أن تحمل منه‏ ، و الرجل تكون له الأمة فيصيب منها‏، ‏ و يكره أن تحمل منه ‏.‏ قال ‏:‏ ( ‏فلا عليكم أن تفعلوا ذاكم ‏.‏ فإنما هو القدر ) ‏‏.
و في صحيح مسلم أيضاً عن جابر ؛ أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ‏:‏ إن لي جارية ، و أنا أطوف عليها ، و أنا أكره أن تحمل ‏.‏ فقال ‏:‏ ( ‏اعزل عنها إن شئت‏ .‏ فإنه سيأتيها ما قدر لها‏ ) ،‏ فلبث الرجل‏ .‏ ثم أتاه فقال ‏:‏ إن الجارية قد حبلت ‏.‏ فقال ‏: ( ‏قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها‏ ) .‏
و عنه أيضاً : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ،‏ فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم ،‏ فلم ينهنا ‏.‏
و كما أسلفت فالأدلة على إباحة العزل كثرة مستفيضة ، و قد اقتطفت منها ما أوردته أعلاه من صحيح الإمام مسلم ، و فيه الكفاية في الدلالة على المطلوب إن شاء الله .
لكنه يقال في العزل ما يقال في غيره من وسائل منع الحمل : إن المنع يجب أن يكون لفترة مؤقتة و لسبب وجيه ، أما إن اتخذت وسيلة للقضاء على النسل و قطعه بالكلية فإنها ستنقلب إلى حرمة ، تصير كبيرة بالإصرار عليها ، و العياذ بالله .

هذا و الله الهادي إلى سواء السبيل ، و بالله التوفيق .

وكتب
د . أحمد بن عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com