بسم الله الرحمن الرحيم

إذا نشرت المرأة

 
السؤال :
ما الحكم فى الزوجة التي لا تطيع زوجها ، فهي تصر على ان تضع العطور عند الخروج من المنزل وتقول ان رائحتها ليست ظاهرة وكذلك ارتداء ملابس يرفضها الزوج مع العلم بانها محجبة وتراعى الله فى زيها و كذلك إصرارها على العمل حتى اذا ادى ذلك الي الطلاق وهى تقول ان الزوج يبالغ فى ارائة و طلباتة -فما هو رأى الدين فى ذلك وما هو حكم الله؟ وماذا يفعل الزوج معها ومع كل هذا العند و التحدى هل يطلقها؟
¬الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
يتضمن سؤالكم عدة مسائل تحتاج إلى بيان كل منها على حدة :
المسألة الأولى : طاعة الزوج واجبة على زوجته ما لم يأمر بمعصية ، و من حقه عليها بذل نفسها و عدم التمنع من بذل ما عليها من استمتاع و خدمة بالمعروف و يلزمها طاعته في ترك الأمور المستحبة كالصيام و سفر الحج ، و الحج الذي ليس بواجب و أن لا تخرج من بيته إلا بإذنه و لا تدخله أحداً إلا برضاه و أن تحفظه في نفسها و ولده و ماله و أما طاعتها له في الأمور الواجبة شرعاً فهي ألزم و أولى بالصون و المراعاة .
غير أن الطاعة الواجبة للزوج على زوجته مشروطة بكون المأمور به مما أباحه الله تعالى أو ندب إليه أو أوجبه ، أما إن كان معصية فلا سمع و طاعة فيها ، كائناً من كان مصدرها ؛ زوجاً أو غيرَ زوجٍ ، و لا تجوز مجارات رغبات أحدٍ باقتراف ما حرّم الله ، إذ لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق ، و لكنّ الطاعة في المعروف .
روى الشيخان و أبو داود و النسائي و أحمد عنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ : ( إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ )‏ .
و إذا تبين للمرأة وجوب طاعتها لزوجها ، و سألها أمراً لا معصية فيه ، أو صرفَها عن غير واجبٍ ، أو نهاها عن مكروهٍ أو محرّم ، فمن الحري بها أن لا تفرط فيما افترض عليها من طاعته ، و لها لقاء ذلك حافزان عظيمان :
أولهما : أن يبادرها الزوج بأداء حقوقها و ما أوجبه الله تعالى عليه تجاهها ، لقوله تعالى : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [ البقرة : 228 ] .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة : أَيْ وَ لَهُنَّ عَلَى الرِّجَال مِنْ الْحَقّ مِثْل مَا لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ ، فَلْيُؤَدِّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى الآخَر مَا يَجِب عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ ... وَ فِي حَدِيث بَهْز بْن حَكِيم عَنْ مُعَاوِيَة بْن حَيْدَة الْقُشَيْرِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَا حَقّ زَوْجَة أَحَدنَا ؟ قَالَ : ( أَنْ تُطْعِمهَا إِذَا طَعِمْت وَ تَكْسُوهَا إِذَا اِكْتَسَيْت وَلا تَضْرِب الْوَجْه وَ لا تُقَبِّح وَ لا تَهْجُر إِلا فِي الْبَيْت ) وَ قَالَ اِبْن عَبَّاس : إِنِّي لأُحِبّ أَنْ أَتَزَيَّن لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبّ أَنْ تَتَزَيَّن لِي الْمَرْأَة لأَنَّ اللَّه يَقُول : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) .اهـ.
و ثانيهما : تحصيل الأجر الجزيل عند الله تعالى ، و نيل رضاه ، لما روي عن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ، قالت : قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم : ( أيما امرأة ماتت و زوجها عنها راضٍ دخلت الجنة ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَ حسنه ، و الحاكم و صححه .
و روى أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حفظت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها : ادخلي من أي أبواب الجنة شئت ) . و روى نحوه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه .
و معنى هذا الحديث كما بينه الإمام المناوي في فيض القدير : ( إذا صلت المرأة خمسها ) المكتوبات الخمس ( و صامت شهرها ) رمضان غير أيام الحيض إن كان ( و حفظت ) و في رواية أحصنت ( فرجها ) عن الجماع المحرم و السحاق ( و أطاعت زوجها ) في غير معصية ( دخلت ) لم يقل تدخل إشارة إلى تحقق الدخول ( الجنة ) إن اجتنبت مع ذلك بقية الكبائر أو تابت توبة نصوحاً أو عفي عنها .اهـ.
فالواجب على كل من الزوجين أن يتقي الله في الزوج الآخَر ، و يحسن إليه ، محتسباً في ذلك جزيل الأجر ، و عظيم الثواب عند الملك الوهاب ، يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ .

كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com